حين يتكلم Salgout “طوطو”…تصمت 300 ألف أسرة و يصبح الانحطاط “نجاحًا” رسميًا!

محمد رامي الأربعاء 9 يوليو 2025 - 16:21 l عدد الزيارات : 3062

شهدت منصة مهرجان موازين حضورًا غير مسبوق، إذ تقاطر أكثر من 300 ألف شاب وشابة لحضور عرض فني لمغني الراب “طوطو”، وفق إحصائيات رسمية. رقم ضخم يجعل حتى ملعب “سانتياغو بيرنابيو” الشهير يبدو صغيرًا أمام هذا الحشد البشري. لكن خلف هذا الرقم “المبهر”، يبرز سؤال عميق، لا يمكن القفز عليه: هل نحن فعلاً أمام أزمة فن؟ أم أننا نعيش أزمة قيم مجتمعية أخطر وأعمق؟

طوطو ليس هو القضية. هو مجرد فنان يقدم منتوجه لمن يطلبه، يلبّي حاجة جمهور يتعطّش لنوع معين من الموسيقى، حتى وإن كان مضمونه ملوثًا بعنف الكلمات وابتذال المعاني. لا عيب على من يبيع “العفن” إن كان له من يشتريه، لكن العيب كل العيب في من صنع هذا الطلب، وغذّى هذه الحاجة. وهنا نصل إلى جوهر المأساة: 300 ألف شاب وشابة هم أبناء أسر مغربية، فأين كانت تلك الأسر وهي تُنشئ هذا الجيل؟

هل يعلم الأب فعلاً ما الذي يعيش فيه ابنه؟ هل تسأل الأم عمّا يشغل ابنتها؟ أم أننا جميعًا أصبحنا أسرًا بلا تواصل، تسكنها الشاشات، وتفككها “الستوريهات”، وتترك الشارع يربي، ووسائل التواصل تُكوِّن، والرابور يطهّر “العقول” على طريقته؟

ثم تأتي المدرسة العمومية، وقد فقدت كل حس حضاري، كل مشروع تنويري، مكتفية بتوزيع الشواهد كأنها خبز الصباح، بلا روح، بلا قيم، بلا أثر تربوي أو فني. أين ذهبت التربية الفنية؟ أين اختفت مشاريع تنمية الذوق الجمالي؟ أين اختبأت النماذج التي يُقتدى بها؟ صرنا نحفظ النشيد الوطني “منبت الأحرار” عن ظهر قلب، دون أن نفهم ما معنى “الحر”.

الفضيحة الكبرى لم تكن في الحفل فقط، بل في نقل هذا المشهد عبر قناة عمومية إلى بيوت المغاربة، لتشاهد كل أم وأب “فلذات أكبادهم” وهم يتمايلون وسط زحام من التخدير السمعي البصري، يرددون لغة “زنقة” هجينة، يصفقون لانهيار القيم، ويحتفلون بصخب “الفراغ”.

والأدهى أن بعض وسائل الإعلام، بدل أن تدق ناقوس الخطر، خرجت مهللة: “نجاح باهر للراب المغربي!”، فهل النجاح صار يُقاس بعدد الجماجم المتمايلة؟ أم بعدد الكلمات السوقية التي تُلقى بلا حشمة؟

نعم، 300 ألف مغربي حضروا. ولكن السؤال الأهم: أين غابت 300 ألف أسرة؟ أين المدرسة؟ أين المجتمع؟ أين المشروع الحضاري الذي نحلم به؟ أم أننا جميعًا ننتظر “طوطو” ليتحدث، بينما تسكت النخب، وتصمت المؤسسات، ويموت الضمير الجمعي في زحمة التصفيق؟

نعم، “فهم تسطى”. ولكن السكوت هنا ليس حكمة. السكوت شراكة في الجريمة.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الأربعاء 9 يوليو 2025 - 17:07

الاتحاد الاشتراكي بالناظور يستعد لمؤتمره الإقليمي الخامس بورقة سياسية جريئة تشخص الواقع وتؤسس لأفق تنموي جديد

الأربعاء 9 يوليو 2025 - 16:05

المستشفى الإقليمي بأزيلال ينجح في إجراء عمليتين جراحيتين دقيقتين لسيدتين تجاوزتا 100 سنة

الأربعاء 9 يوليو 2025 - 12:38

اتحاد المنظمات التربوية بين حدود النضال الاستراتيجي وإكراهات الواقع … قراءة تحليلية في أوراق الضغط والسيناريوهات المحتملة

الأربعاء 9 يوليو 2025 - 12:20

إحباط محاولة تهريب أزيد من 4300 قرص مخدر بميناء بني انصار…

error: