الاتحاد الاشتراكي بالناظور يستعد لمؤتمره الإقليمي الخامس بورقة سياسية جريئة تشخص الواقع وتؤسس لأفق تنموي جديد

عبد السلام المساوي الأربعاء 9 يوليو 2025 - 17:07 l عدد الزيارات : 9883

يستعد حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لعقد مؤتمره الإقليمي الخامس بإقليم الناظور، يوم الثلاثاء 15 يوليوز 2025، في سياق دينامية تنظيمية يعرفها الحزب وطنياً، وتفاعلاً مع دعوة القيادة الاتحادية إلى عقد المؤتمرات المجالية والقطاعية في أفق المؤتمر الوطني الثاني عشر، المرتقب أيام 17 و18 و19 أكتوبر المقبل. ويأتي هذا الاستحقاق السياسي في لحظة وطنية دقيقة، تستدعي مناضلي الحزب استحضار الروح النضالية التأسيسية، وتعبئة الطاقات والكوادر لبناء أفق حزبي وتنموي جديد ينسجم مع الانتظارات الملحة للمواطنات والمواطنين.

وتؤكد الورقة السياسية التي أعدتها اللجنة التحضيرية أن انعقاد هذا المؤتمر يشكل لحظة تقييم ومساءلة جماعية للمسار التنموي الذي عرفه الإقليم، وفرصة لتشخيص دقيق لواقع الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، والانطلاق نحو بلورة مقترحات وتصورات قادرة على التأثير في السياسات العمومية، وتوجيه الرهانات نحو تنمية منصفة ومستدامة. كما تسجل الورقة أهمية استحضار الأبعاد الجغرافية والرمزية التي يمثلها الناظور، باعتباره نقطة وصل حيوية بين أقصى الريف وعمق جهة الشرق، ومجالاً حدودياً متوسطياً منفتحاً على أوروبا ودول الجوار المغاربي.

وترى الورقة أن ما يميز الورش التنظيمي الاتحادي الحالي هو الروح الرفاقية والعائلية التي طغت على مؤسسات الحزب، وخاصة المجلس الوطني المنعقد يوم 17 ماي الماضي، والذي أعاد التأكيد على مركزية الانخراط المسؤول والواعي في تجديد التنظيمات وتوسيع قاعدة الفعل السياسي الحزبي، وهو ما أضفى على التحضير للمؤتمر الإقليمي للناظور بعداً سياسياً يتجاوز حدود التقييم المحلي، ليعانق رهانات وطنية ذات أولوية.

وانطلقت الورقة من واقع التهميش التنموي الذي تعاني منه جهة الشرق، مسجلة أن المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية خلال السنوات الأخيرة تؤكد تراجعاً مهولاً، حيث تحتل الجهة مراتب متأخرة في معدل مساهمتها في الناتج الداخلي الخام، كما شهدت الجهة أعلى معدلات البطالة خلال الثلاثة أشهر الأولى من سنة 2024 بنسبة بلغت 21.4%، وهي نسبة غير مسبوقة حتى بالمقارنة مع فترة جائحة كورونا.

وسجلت الورقة أيضاً القطيعة المؤسساتية والتنموية بين الناظور وأقرب جهة لها، فاس-مكناس، مع غياب بنية تنموية مندمجة، رغم تخصيص 13 مليار درهم لبرنامج التنمية الجهوية 2023–2027، دون أثر ملموس على الأرض، في ظل استمرار مشاريع سياحية متوقفة مثل مشروع “مارشيكا” ومخطط السعيدية، وغياب رؤية متكاملة لتثمين موقع الإقليم ضمن السياحة المتوسطية.

وفي هذا السياق، دعت الورقة إلى ضرورة التفكير في نموذج تنموي جهوي خاص بجهة الشرق، يراعي خصوصياتها، ويقوم على الاستجابة لحاجيات الساكنة، مع التنسيق بين مختلف القطاعات الوزارية. كما انتقدت الورقة ضعف المجهود العمومي في مجالات البنية التحتية، النقل، والموانئ، رغم أهمية المنطقة في الربط القاري والاقتصاد الحدودي، واستمرار العراقيل الإدارية التي تعرقل الاستثمار، خاصة في العقار السياحي.

وبلغة صريحة، انتقدت الورقة غياب الإرادة السياسية الحقيقية في إنصاف جهة الشرق، مسجلة أن قطاع الصيد البحري يعاني من التراجع بعد هجرة المراكب نحو الجنوب، وأن مشاريع استثمارية حقيقية في مارتشيكا تُواجه عراقيل غير مفهومة، رغم وجود رأسمال وطني ومؤسسات عمومية معنية. كما طرحت الورقة تساؤلات حول غياب الترفيه والثقافة والموسيقى، باعتبارها مكونات أساسية للسياحة الحديثة، مبرزة أن التنمية لا يمكن أن تتحقق في غياب الحرية والانفتاح والإبداع.

أما على المستوى الاجتماعي، فتسجل الورقة أن الوضع أصبح مقلقاً بفعل تفشي مظاهر الاقتصاد غير المهيكل، وانتشار أنشطة الباعة الجائلين والمهن الهامشية، التي أصبحت تشمل حتى خريجي الجامعات، إضافة إلى التدهور المتسارع للقدرة الشرائية، وهو ما يستدعي تدخلات استعجالية لدعم الفئات الهشة، وتأطير سوق الشغل، وخلق اقتصاد محلي بديل يقوم على إدماج القطاع غير المهيكل في الدورة الاقتصادية.

وفي ما يخص العنصر البشري، أكدت الورقة ضرورة إدماج النساء والشباب والمغاربة المقيمين بالخارج ضمن السياسات التنموية، والعمل على تثمين الرأسمال البشري عبر التعليم والصحة ومحاربة الهشاشة القروية، وتعميم النقل المدرسي والإقامات الداخلية والمطاعم بالمؤسسات التعليمية، والرفع من الخدمات الصحية القروية، باعتبارها مدخلاً لتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية.

كما دعت الورقة إلى ضرورة إعادة النظر في سياسة التعمير الحالية، التي عمّقت الفوضى العمرانية بالناظور، مشيدة بالتجربة الجماعية الحالية بقيادة حزب الاتحاد الاشتراكي، واصفة إياها بالتحول النوعي في تدبير الشأن المحلي، بعد سنوات من العشوائية وسوء التدبير، ومطالبة بجعل الجهة الترابية رافعة لتنسيق جهود الجماعات الترابية، وفق ما يخوله الدستور والقوانين التنظيمية.

وفي شق آخر، أكدت الورقة على ضرورة الإسراع بخلق مناطق صناعية نشطة في محيط الإقليم، وجلب الاستثمارات الكبرى في قطاعات الاقتصاد الأخضر والاجتماعي والتضامني، وتوجيه البرامج الحكومية نحو دعم الجيل الجديد من المقاولات المحلية، وتشجيع المبادرات الشبابية والابتكار التكنولوجي، وفتح المجال أمام الجالية المغربية بالخارج لتوطين مشاريعهم في بيئة استثمارية مستقرة.

وفي الختام، أكدت الورقة السياسية أن المؤتمر الإقليمي الخامس للناظور لن يكون مجرد محطة تنظيمية، بل لحظة سياسية بامتياز لإعادة صياغة علاقة الحزب بالإقليم، وتجديد التعاقد الاتحادي مع المواطنات والمواطنين، من أجل جعل الناظور قطباً متوسطياً، فاعلاً في النموذج التنموي الجديد، ومكوناً أساسياً في الدينامية الوطنية التي يقودها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بعزم ومسؤولية ووفاء لمبادئه وقيمه.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الأربعاء 9 يوليو 2025 - 21:07

في اليوم العالمي للسكان.. المغرب يضع الخصوبة تحت المجهر ويحتفل بـ50 سنة من الشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان

الأربعاء 9 يوليو 2025 - 20:45

رغم الشراكة الاستراتيجية.. المغرب يتصدر مخاوف الإسبان الأمنية في أحدث تقارير معهد “إلكانو”

الأربعاء 9 يوليو 2025 - 18:41

المغرب يعيد فتح سفارته في دمشق: خطوة ملكية تعيد الدفء إلى العلاقات المغربية السورية

الأربعاء 9 يوليو 2025 - 16:46

بين الضبط والتحديث: الجمعية الوطنية للإعلام تدافع عن إصلاح تشريعي يعيد الاعتبار للمهنة

error: