في تصعيد جديد لحربه التجارية العالمية، وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم الأربعاء 9 يوليوز 2025، دفعة جديدة من الرسائل الرسمية إلى خمسة شركاء تجاريين، من بينهم الجزائر، يعلن فيها عن فرض تعرفات جمركية جديدة تتراوح نسبتها بين 20% و30%، في خطوة قد تكون لها تداعيات مباشرة على المبادلات الاقتصادية الجزائرية مع الولايات المتحدة.
وتضمنت قائمة الدول المعنية بهذه الإجراءات: الفيليبين، بروناي، الجزائر، ليبيا، والعراق، وهي بلدان معظمها يعتمد على صادرات أولية كالمحروقات والمعادن، ما يجعلها شديدة التأثر بمثل هذه الإجراءات التي تصدر من شريك اقتصادي من حجم واشنطن.
وتأتي هذه الرسائل بعد أيام قليلة من إعلان سابق مماثل شمل بلدانًا أخرى، في إطار استراتيجية واضحة يتبعها ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، تستهدف فرض شروط تجارية جديدة لصالح الولايات المتحدة تحت ذريعة “الرد على القيود غير المتبادلة” التي تفرضها دول أخرى على البضائع الأميركية.
وبرغم أن نسب الرسوم الحالية لا تختلف كثيرًا عن تلك التي أُعلن عنها في أبريل، فإن إدراج الجزائر في هذه الدفعة الجديدة يعيد إلى الواجهة هشاشة العلاقات الاقتصادية الثنائية، خاصة في ظل اعتماد الجزائر على تصدير كميات محدودة من المنتجات الصناعية والبتروكيماوية إلى السوق الأميركية، التي تُعد من بين الأسواق الأكثر حساسية للتغيرات السياسية والضريبية.
وكان ترامب قد سبق أن فرض رسومًا جمركية بنسبة 10% على معظم الواردات، ثم رفعها على بعض البلدان قبل أن يجمّد تنفيذها مؤقتًا. ومع قرب انتهاء المهلة المحددة لتعليق تلك الزيادات في 9 يوليوز، اختارت الإدارة الأميركية تمديدها إلى 1 غشت المقبل، مع التلويح بمزيد من الإجراءات ما لم تستجب الدول المعنية لتوصية واشنطن “بتصنيع سلعها داخل الولايات المتحدة” لتجنّب الرسوم الجديدة.
وبالإضافة إلى الرسوم المعلنة حديثًا، أقدمت إدارة ترامب على فرض رسوم إضافية على قطاعات إستراتيجية، شملت الفولاذ، الألمنيوم، السيارات، ومؤخرًا النحاس والمنتجات الصيدلانية، في ما يبدو أنه هجوم شامل على سلاسل التوريد العالمية.
بالنسبة للجزائر، تُعد هذه الإجراءات ضربة محتملة في وقت دقيق، حيث تسعى البلاد لتنويع صادراتها خارج قطاع الطاقة، والانفتاح على شراكات صناعية وتجارية أكثر تنوعًا، غير أن مثل هذه التحركات من واشنطن قد تعيق جهودها أو تدفعها للبحث عن بدائل في الأسواق الآسيوية أو الإفريقية.
ومن غير المستبعد أن ترد الجزائر بدبلوماسية هادئة أو بتحركات اقتصادية مضادة عبر منظمة التجارة العالمية، لكنها تظل، إلى جانب دول أخرى شبيهة، مطالبة بإعادة تقييم موقعها في الخارطة التجارية العالمية، في ظل تحولات جيواقتصادية متسارعة يطبعها منطق الحمائية والانكفاء القومي.
تعليقات
0