جريمة طنجة : مابين عدنان ولبنى حكاية للذكرى في انتظار حماية أفضل لطفولتنا
محمد اليزناسني
السبت 12 سبتمبر 2020 - 21:02 l عدد الزيارات : 23789
محمد رامي
ما أشبه الأمس باليوم، تعيدنا جريمة اغتصاب الطفل عدنان في طنجة وخنقه حتى الموت إلى 18 سنة من اليوم وبالضبط إلى مدينة وجدة عندما أغتصبت الطفلة لبنى وخنقت حتى الموت وتم رمي جثتها في الخلاء. ومن مكر الصدف أن الجريمتان وقعتا في نفس الشهر .
فبالنسبة للجريمة الحالية وإن لم تتوفر بعد أدق تفاصيلها ، إلا أن التسجيلات المصورة تؤكد عملية إستدراج عدنان من طرف شخص وتم هتك عرضه والتخلص من الجثة، بدفنها بالقرب من منزل والديه.
وفي انتظار مآل التحقيقات وتفاصيل العمل الإجرامي نستحضر هنا الواقعة التي وقعت من قبل بمدينة وجدة والتي أحيتها واقعة عدنان ونبشت جرح عائلة بأسرها حاولت نسيان الفاجعة.
فما زالت أسرة المحجوبي بمدينة وجدة تتذكر رحيل فلذة كبدها، لبنى ذات التسع سنوات، ترقد هذه الصغيرة ذات الابتسامة العريضة تحت التراب، ترقد لكن لا تنام ما دام سيلتحق بها آخرون. تتربص بهم أعين لا تنام، محاولة اختلاس نظرات إلى أجساد صغيرة و ضعيفة لا تقوى على مقاومة كبت و قوة نزوات الكبار.
ماتت لبنى لكن ذكراها لم تمت، ستظل تكشف عورة المجتمع. مثل قنبلة موقوتة، تتناثر شظاياها كلما استقبلت لبنى إلى جانب قبرها أبرياء آخرين لم يقترفوا ذنبا سوى أن ابتسامتهم لا تفارق وجوههم البشوشة.
مرت السنوات و لبنى راقدة، هادئة، مثلما كانت دائما. و مع كل إشراقة كانت لبنى تتفتح كالوردة وسط الحي الذي غابت عنه الابتسامة…
الآن نتساءل كيف مرت لبنى من عالم المرح و اللهو إلى عالم السكون، عالم صنعته أيادي الإجرام، و بعثرت أحلام الأسرة عائلة الطفلة لبنى المحجوبي…
قام المتهمبمحاولة إخفاء جثتها داخل الخزانة بغرفةالمنزل الذي كان يقيم به.
خلال تصريحات المتهم كشف أنه خطط لجريمته البشعة أسبوعا قبل ذلك. كان المتهم و لمدة تقارب السنة يتردد على زنقة سيدي بلخير بالحي الذي تقطنه ” فريسته “، صرح للضابطة القضائية أن لبنى أثارت انتباهه إذ كانت تتواجد الضحية غالبا أمام ساحة باب منزل والديها. كانت الضحية تلهو و تلعب مثلها مثل باقي الأطفال في سن الورود. لكن سرعان ما تذبل هذه الورود بمجرد لمسها.
المتهم كان ساعتها و منذ ما يقرب من أسبوع قبل وقوع الجريمة يفكر و يخطط لاختطاف الضحية و احتجازها ثم العمل على اغتصابها بالعنف.
و استغل مولاي علي حب الأطفال لهدايا و ملاطفة الكبار، استغل تلك البراءة ليلجأ إلى التقرب منها عن طريق نهج أسلوب الإغراء بتقديم بعض الدراهم لها كهدايا حتى يتمكن من التقرب منها و كسب ثقتها. إذ أهداها في نفس الأسبوع قلما من الحبر الجاف ذا لون أبيض. و كعادة المجرمين انتظر مولاي علي حلول المساء لينفذ ما خطط له، و هو في طريق عودته من عند مكتب محاماة كان يصلح جهاز هاتفه في الساعة الخامسة، كان في حاجة إلى اقتناء مادة مخدرة، و بالفعل توجه إلى المسماة «ف.ن» ليشتري قطعة شيرا بثمن 20 درهما. بعد ذلك توجه إلى مقهى بشارع الصحراء و جلس بمفرده إلى طاولة وشرع في استهلاك المخدرات إلى حدود الساعة السابعة مساء. كانت هذه المدة كافية لمولاي علي لكي يأخذ قسطا من الأفكار الجهنمية التي يثيرها مفعول التخدير. بعد مغادرته المقهى ، ساقته شهواته و مخططه إلى زنقة سيدي بلخير ثانية، لكن هذه المرة كانت الأخيرة.
المتهم بأحد الأماكن يتربص بفريسته إلى أن لمحها برفقة شقيقتها التي تصغرها سنا، اقترب المتهم من الشقيقتين و طلب من الصغرى العودة إلى المنزل ليزيحها من طريقه، أخبرها بأنه سيتوجه رفقة لبنى من أجل إقامة حفل بالحلوى، و في نفس الوقت و بعد تخلصه من براءة الأطفال، أغرى لبنى بإهدائها آلة تسجيل (والكمان ) قام المتهم بإظهارها للضحية، حيث صرح أن هذا الأمر جعلها ترضخ لطلبه بمرافقته، و أغراها كذلك بشراء الحلوى لإقامة حفلة لها.
و توجهت لبنى ببراءة الأطفال مع المتهم إلى المنزل دون أن تدري أنه عوض الحلوى و الوالكمان ستعيش آخر ليلة في عمرهاو عوض الملاطفة و الهدايا ستتعرض لأبشع صور التعذيب و التنكيل .
قام المتهم بإحكام إغلاق باب غرفته، بالطابق الثاني بالمفتاح، لتتعرف لبنى على شخص ثان لم تكن تتصوره ، شخص من طينة ثانية لم تعهده براءة الأطفال و لا تستطيع هذه البراءة أن تطيقه، و تجاري شهواته.
اعترف مولاي علي أنه قام بتقبيل لبنى التي أبدت مقاومة و امتناعا. لم تكن تدري أن مخيلة المتهم واسعة و أنه سيلجأ بحسب ما جاء في تصريحاته إلى وضع قطعة من اللصاق الشفاف على فمها ليحبس كلامها بعدما كتم ابتسامتها البريئة لم يكتف بذلك فوضع من جانب الاحتياط كشكولا فوق اللصاق تفاديا لصراخها، و عمد بعد ذلك إلى تكبيل يديها بواسطة قطعة من قماش. جهز المتهم الضحية كما تجهز البهائم المعدة للذبح، قام بوضعها على سريره و خلع ثيابها بالعنف و مزق بعضها و قام باغتصابها بأبشع طريقة ليفتض بكارتهامما أصاب الضحية بإغماء. و لم يتوقف مولاي علي عن اقتراف الجرائم تلو الأخرى، عمد بعد ذلك إلى خنقها بواسطة كشكول.
خلد إلى النوم في نفس الغرفة مع جثة الضحية. لكن لم يدم نومه سوى ساعات ليستفيق من غفوته في حوالي الساعة الخامسة صباحا حيث توجه لمحاولة طمس آثار الجرائم إلى منظفة الفندق مدعيا أنه يرغب في استعمال قنينة الغاز الصغيرة من أجل تسخين الماء. لكن قنينة الغاز كانت مجرد خدعة ليستولي على مفتاح الغرفة المجاورة له، أين نقل الجثة و أخفاها داخل خزانة و أحكم إغلاق بابها و أرجع المفاتيح إلى مكانها في مكان الاستقبالات.
في حوالي الساعة الثامنة صباحا حاول المتهم إخفاء ملابس الضحية حيث حملها في كيس بلاستيكي أسود متوجها نحو حي المسيرة ليتخلص من الملابس هناك.
لم تتوقف الحياة العادية للمتهم و كأنه لم يفعل شيئا ، توجه نحو جامعة محمد الأول ليواصل تجارته ببيع هاتف نقال كان معه لأحد الأشخاص.
و استقر به المقام في إحدى المقاهي قرب باب الغربي وسط المدينة. ومكث هناك إلى حوالي منتصف النهار. ليعود إلى مكان الجريمة دون أن يشغل باله شيء، انهمك في إصلاح هواتفه النقالة.
و في الساعة الثالثة بعد الزوال توجه إلى مقهى آخر و ببرودة دم كبيرة دون أن يساوره أدنى شك أنه سينكشف ليتوجه بعد ذلك إلى مكتب المحاماة لإتمام أشغال كان ابتدأها يوم الجريمة. و جمع المتهم أغراضه للتوجه إلى الحمام حيث تم إيقافه.
مشوار مولاي علي من جامعة محمد الأول إلى زنقة سيدي بلخير و فندق المنارة.
لم يكن المتهم علي مدني الملقب بمولاي علي يدري أن ما قام به من جرائم سيحيله على الحكم بالإعدام في حقه.
أكتشفت الجثة وتم اعتقاله بعد التعرف عليه بسهولة واعترف لرجال الشرطة القضائية أن له سوابق عدلية وأنه تعمد اختطاف و احتجاز و اغتصاب الطفلة لبنى بالعنف و هتك عرضها بالعنف و إزهاق روحها شنقا بالغرفة رقم 24 بفندق المنارة بزنقة سيدي منديل بوجدة مكان إقامته الدائم.
محكمة الإستئناف بوجدة أصدرت حكمها بإعدام القاتل ، حكم لم ينفد لحد اليوم وعائلة الضحية ماتزال تحتفظ بذكراها وكلما مرت من جانب مسرح الجريمة تقول لبنى اغتصبت وأعدمت بدم بارد هنا..
اليوم ، نفس السيناريو تكرر مع عدنان بتفاصيل مغايرةفي انتظار تحرك مجتمعي لحماية طفولتنا من هؤلاء الذين لسبب أو لآخر تحولوا إلى وحوش آدمية تتربص بصغارنا..
تعليقات
0