صدر حديثا عن مؤسسة آفاق للدراسات والنشر والاتصال بمراكش، كتاب جديد يحمل عنوان “المغرب والعمق الإفريقي .. محاضرات في تاريخ المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء حتى نهاية القرن التاسع عشر للميلاد”، لمؤلفه توفيق محمد لقبايبي. ويتناول هذا الكتاب، الذي يقع في 539 صفحة من الحجم المتوسط، بالدراسة، تاريخ العلاقات بين المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء حتى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، وذلك بغرض تقريب هذا الموضوع لطلبة مسالك التاريخ والحضارة بالجامعة المغربية خصوصا، ولجمهور القراء بصفة عامة. وتتوزع محتويات هذا الإصدار حول ستة فصول تشمل “إفريقيا الغربية أو السودان الغربي: المجال والإنسان والتاريخ” و”العلاقات المغربية – الغرب إفريقية على المستوى السياسي” و”العلاقات المغربية – الغرب إفريقية على المستوى الاقتصادي” و”العلاقات المغربية – الغرب إفريقية على المستوى البشري” و”العلاقات المغربية – الغرب إفريقية على المستوى الفكري والعقائدي” و”التلاقح الحضاري المغربي – الغرب إفريقي”. وفي معرض تقديمه لهذا المؤلف، قال الكاتب “نأمل من خلال هذا الإصدار الإسهام في الوقوف على تاريخ المغرب في إطاره الإفريقي الواسع، مستعرضين لمختلف التطورات التي شهدتها العلاقات المغربية الإفريقية إلى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، مما سيعفينا من الخوض في المرحلة الاستعمارية بتعقيداتها وتشابكاتها الدولية”. وأوضح أن “القارة الإفريقية كانت دائما حاضرة لدى المغاربة كمادة للبحث والكتابة منذ عصور تاريخية قديمة؛ وقد أثبت التاريخ المغربي بجلاء أن هذه القارة شكلت منذ قرون مجالا للبحث وللكتابة والاستكشاف وللرحلة بالنسبة للمغاربة، وهو ما لا يمكن إغفاله لأي مهتم بمجال الدراسات الإفريقية في الوقت الراهن”. وأضاف أن “هذا المسار يعد سياقا لإبراز مدى الارتباط المغربي منذ الأزل مع عمقه الإفريقي، ومدى شغف المغاربة لمعرفة أنماط عيش وتاريخ وحضارة وثقافة أشقائهم الأفارقة منذ الزمن البعيد”. وجاء في المقدمة أن ما يتوخاه الكاتب هو “رصد مختلف المسالك والقنوات التي ساهمت في بلورة هذه العلاقات، سواء في شقها السياسي (السفارات والصراعات)، أو في جانبها التجاري أو الديني (نشر الإسلام) أو الاجتماعي (الهجرات والمصاهرات والرحلات العلمية)، وأخيرا في جانبها الثقافي والحضاري والفني”. وأبرزت أن “العلاقة بين المغرب ومجاله الإفريقي هي تعبير في الأساس عن انتماء حضاري عريق وعلاقات ثقافية ممتدة ودور ريادي في القارة خصوصا في غربها، وقد تجسدت هذه الإرادة سياسيا من خلال التنصيص في كافة الدساتير المغربية المتعاقبة على اعتبار المغرب دولة إفريقية تجعل من بين أهدافها تحقيق الوحدة الإفريقية”. وقال الكاتب “لا بد من التأكيد على أن الباحثين المغاربة حاولوا من خلال بحوثهم ودراساتهم أن يسلطوا الضوء على العلاقات التاريخية المغربية الإفريقية، وإثارة موضوعات مهمة لا زالت تحتاج إلى سبر أغوارها، مع الإشارة أن كل الدراسات المنجزة إلى حد الساعة، وبالرغم من أهميتها التي لا ينكرها أحد إلا أنها لا ترقى إلى منافسة الكتابات الغربية حول الدراسات الإفريقية التي أنتجت متخصصين في الشمال والوسط والجنوب من القارة السمراء”. وتابع أن “اهتمامات هؤلاء المتخصصين خضعت للتقسيم الموضوعاتي الذي قسم التاريخ الإفريقي إلى قضايا توزعت بين الدين والعرق والقبيلة والديموغرافيا وغيرها من التيمات التي أغنت الدراسات المناطقية الحديثة والتي أكدت على ضرورة استغلال كل ما تتيحه التخصصات العلمية الأخرى من أجل بناء دراسات إفريقية واعدة”. وخلص الكاتب إلى القول “حاولنا مقاربة موضوع شاسع ما يزال بحاجة للبحث والتقصي، وما توقفنا عنده ليس إلا مجرد غيض من فيض وملامح عامة تحصلت لدينا من خلال تجربتنا، ونحن ندرس مادة المغرب وإفريقيا إلى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي”.
تعليقات
0