حين انتقل حزب العدالة والتنمية من الاتجار بالدين إلى الإتجار بالمرض…
محمد اليزناسني
الأحد 28 فبراير 2021 - 16:31 l عدد الزيارات : 22567
محمد رامي
المغاربة عامة بمجرد ما يعلمون بمرض أي شخص كيفما كانت نوعية العلاقة معه ودية أوعدائية حتى يبادروا بالدعاء له بالشفاء متناسين كل الخلافات كيفما كانت درجتها. الوزراء يمرضون ويشفون ولا غرابة في ذلك لكونهم بشرا، لنقارن هنا بين حالتي مرض، مصطفى الرميد، وزير الدولة والحريات والعلاقة مع البرلمان وقبله عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية. لفتيت أجرى، قبل سنتين عملية جراحية مستعجلة على القلب خارج أرض الوطن، نصحه الأطباء بالراحة وعدم الإجهاد، خصوصا أنه معروف عنه العمل ليل نهار، والتنقل من مدينة إلى أخرى، ودراسة الملفات إلى ساعات متأخرة من الليل رفقة طاقمه المساعد، والسرعة في حسم القضايا الساخنة إلا أنه لم يقدم استقالته بالرغم من أن عمر الحكومة مازال ممتدا لثلاث سنوات لاحقة وما يزيد، حرصا على المصلحة العليا للوطن وليقينه أن الحياة والموت متلازمان طبيعيان وأمرهما بيد الله سبحانه و تعالى. خضع للعلاج خارج التراب الوطني وشافاه الله تعالى ليكمل مهمته النبيلة وهو اليوم أكثر حيوية وأكثر نشاطا ويشرف على تدبير الاستعداد لمحطة الانتخابات المقبلة ولاحظنا كيف أنه لم يغادر مقعده بمجلس النواب لساعات لحظة مناقشة مشاريع القوانين الانتخابية داخل اللجنة المختصة. لنتمعن في حالة مصطفى الرميد القيادي بحزب العدالة والتنمية ووزير الدولة والحريات والعلاقة مع البرلمان. اكتشف مؤخرا بأنه مصاب بمرض مزمن ونحن على بعد أشهر قليلة من الانتخابات ومن تشكيل حكومة جديدة على أبعد تقدير شهر شتنبر المقبل. لكنه اختار الاستقالة بالرغم من أن المهام الوزارية التي أنيطت به ليست متعبة فالسيد الوزير ، شافاه الله، يتوفر على فريق عمل متكامل يشتغل معه يمكنه تدبر فترة غيابه في انتظار الشفاء إن شاء الله أو في انتظار تشكيل الحكومة الجديدة خاصة وأن الفترة المتبقية من عمر الحكومة لاتستدعي تسمية وزير « الوقت الميت ». لنربط تراتب الأحداث لأجل فهم مايجري ويدور. استقالة الرميد جاءت مباشرة بعد الإعلان الرسمي عن عرض مشاريع القوانين الانتخابية على مجلس النواب وجدول الأعمال الأخير لمجلس الحكومة، فهل الأمر عبارة عن صدفة أم مقصود؟
يحق لنا التساؤل أيضا وهل مرض السيد الوزير والقيادي بحزب العدالة والتنمية وليد اليوم ؟ قد يجيبني قائل بأن الوزير عبر غير ما مرة عن رغبته في الابتعاد عن العمل الحكومي لاعتبارات صحية، كلام مقبول، لكن رسالة إستقالة ادريس الازمي الادريسي، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية من رئاسة المجلس ومن عضوية الأمانة العامة للحزب والتي جاءت نصف ساعة بعد استقالة الرميد ونشرهما على منصات التواصل الاجتماعي، تبين بأن فصلا جديدا من الاتجار بالوطن لمصلحة حزبية ضيقة قد ابتدأ، وأن « الثعلب » الذي كان يظهر ويختفي قرر التحرك من خلف ستار لخلط الأوراق للابتزاز والعودة للتموقع من جديد أو على الأقل لتمكين حوارييه من مفاتيح الحزب وبعدها من الدوائر الانتخابية، فاستغل مرض مصطفى الرميد ليحرك المياه الراكدة في البركة الآسنة لحزب العدالة والتنمية وأيضا لخلط الأوراق وضرب جو التوافق الوطني بين الفاعلين السياسيين، خاصة وأننا في سنة انتخابية. هكذا إذن تحولوا من الاتجار بالدين والمآسي إلى الاتجار بالمرض بهدف خلط الأوراق و استجداء تعاطف المريدين والأتباع والعامة من الناس ليتحللوا من مسؤولياتهم ويشرعوا في ذرف دموع التماسيح ولم لا الإعلان جهارا أنهم لا يتحملون مسؤولية التدبير الحكومي خلال المرحلة المنتهية ولايتها وأنهم كانوا ضحية التسلط والتحكم وتعابير أخرى قد يخرجونها من قاموس « الثعلب » الذي حدثنا من قبل عن التماسيح والعفاريت.. من يدري ؟
تعليقات
0