شرع الرئيس الأمريكي جو بايدن اليوم الاربعاء في أول جولة خارجية التي وصفت ب”الهامة”, منذ توليه مقاليد السلطة, للبحث العديد من القضايا “الحساسة” في مسعى ل”ترميم” العلاقات المتصدعة مع الحلفاء الاوروبيين, في ظل التنافس مع الصين, و رهانات جائحة فيروس كورونا, و تعزيز الديمقراطيات في العالم.
و تشكل هذه الزيارة الرسمية لبايدن إلى أوروبا -بعد خمسة أشهر عن توليه منصب رئيس الولايات المتحدة-, “أول امتحان”لقدرته على إدارة وإصلاح العلاقات مع الحلفاء الرئيسيين الذين أصيبوا ب”خيبة أمل” بسبب سياسات سلفه دونالد ترامب, أبرزها انسحابه من جملة من الاتفاقيات الدولية, فيما يسعى الى استعادة التوازن ما بينهم, لا سيما في ضوء حرص الإدارة الجديدة على إعادة التأكيد على الدور الأمريكي على الساحة العالمية, وشعاره بايدن المعروف, “أميركا عادت”.
وفي هذا الصدد, قال الرئيس الامريكي, “رحلتي إلى أوروبا هي فرصة لأميركا لتعبئة ديموقراطيات العالم أجمع. ننوي المشاركة بالكامل في كل قضايا العالم”.
من جهته, ذكر البيت الأبيض إن “هذه الجولة سوف تسلط الضوء على التزام الولايات المتحدة حشد ديمقراطيات العالم والعمل معا لتشكيل قواعد الطريق للقرن الـ21 , والدفاع عن قيمنا ومعالجة أكبر التحديات في العالم”.
و من المقرر ان يستهل بايدن جولته -التي تستغرق 8 ايام – بأول محطة في قرية “سانت إيفز” الساحلية في “كورنوال” بالمملكة المتحدة, حيث سيشارك في اشغال قمة مجموعة السبع التي ستتمحور حول قضايا التجارة والمناخ ودبلوماسية اللقاحات, ومبادرة لإعادة بناء البنية التحتية في دول العالم النامية. ويرى مسؤولون أميركيون في هذه المبادرة “وسيلة لمواجهة نفوذ الصين المتنامي”.
و بالمناسبة سيلتقي الرئيس الامريكي مع رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون غدا في “كورنوال”, وهي فرصة ل”ضخ دماء جديدة” في “العلاقة الخاصة” بين البلدين, بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. و في ختام القمة التي تستغرق 3 أيام, سيزور بايدن وعقيلته الملكة إليزابيث في قلعة “وندسور”.
بعد ذلك سيتوجه إلى بروكسل ثان محطة من جولته, لإجراء محادثات مع قادة حلف شمال الأطلسي (الناتو), تهدف الى إعادة بناء العلاقات عبر الأطلسي, والتي توترت خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب, وإعادة صياغة العلاقات مع روسيا بالخصوص, الى جانب مسائل مساهمة دول الاعضاء في تكاليف الدفاع المشترك.
و بخصوص محدثاته مع قادة الاتحاد الاوروبي, أشارت مصادر اعلامية الى أن بايدن يتطلع أيضا إلى حشد الحلفاء داخل الهيئة الاوروبية فيما يتعلق بمواجهة “كوفيد-19″, في ظل انتقادات شديدة لبلاده بسبب تأخرها في تقاسم اللقاحات المضادة للوباء مع بقية دول العالم. كما سيدعو الزعماء الاوروبيين الى الاتحاد حول استراتيجية لكبح ما وصفته ب”منافس الأمن القومي والاقتصادي الناشئ”, وهي الصين.
“و حتى في الوقت الذي تعرب فيه الولايات المتحدة عن قلقها بشأن العلاقات الاقتصادية لأوروبا مع روسيا, فان بايدن يرغب أيضا في حث الحلفاء الخارجيين – بما في ذلك أستراليا – على قطع التزامات أكثر قوة للجهود العالمية للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري”, حسب مراقبين.
و ستتوج جولة بايدن بأخر محطة في جنيف الاربعاء المقبل, بعقد قمة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين يترقبها العالم, تعد و”فرصة لإثارة” المخاوف الامريكية بشأن الهجمات الإلكترونية و الملف الاوكراني, الى جانب جملة من القضايا التي تهم البلدين, حيث يتوقع أن تكون المناقشات بين الرئيسين “صعبة”.
ويصر البيت الأبيض الذي يطلق بالتناوب رسائل “تصالحية وتحذيرات” على أن سقف توقعاته منخفض. ويتمثل هدفه الوحيد المطروح في جعل العلاقات بين البلدين أكثر “استقرارا وقابلية للتكهن” بتطورها.
ولم تتحدث الرئاسة الأمريكية سوى عن القليل من التفاصيل حول هذا اللقاء. واكتفت بالتلميح إلى أنه وخلافا لما حدث مع دونالد ترامب في هلسنكي في 2018, “لن يشمل برنامج العمل عقد مؤتمر صحافي مشترك بين الزعيمين”.
و اعتبرت صحيفة “الاندبندت” البريطانية, أن رحلة بايدن,”هي وسيلة لنقل رسائل أكثر بكثير من كونها تتعلق بالاتفاق على الإجراءات أو الصفقات المحددة”, ونسبت إلى مستشار الأمن القومي جيك سوليفان قوله, إن: “الرحلة في جوهرها ستعزز التوجه الأساسي لسياسة جو بايدن الخارجية لحشد الديمقراطيات في العالم من أجل مواجهة التحديات الكبرى في عصرنا”.
و كتبت الصحيفة البريطانية في تقريرها, إن الجولة” تعد بمثابة لحظة حاسمة لبايدن- حيث يلتقي زعماء العالم الذين ما زالوا يتصارعون مع الفيروس , وسيعمل على مواجهة أثار أربع سنوات من سياسة ترامب الخارجية الباحثة عن “المصلحة الذاتية والداخلية”, فضلا عن التحركات التي أدت إلى توتر التحالفات الطويلة”.
تعليقات
0