حاوره: زكرياء المجاطي
الترحال واكتشاف مناطق جديدة هوسا لدى يوسف سحساح، ابن مدينة العيون ذو 26 سنة، خريج معهد السينما بورزازات والذي تجاوز هوسه ذاك حدود المغرب ليصوبه نحو إفريقيا وأدغالها وثقافتها المتنوعة التي أسرت قلبه وعقله ليلبي نداء المغامرة والاكتشاف ويتوغل “بالماما إفريقيا”، متحديا كل ما يحمله له القدر والمستقبل، واليوم ومن المكان الذي هو به بإفريقيا، يحكي لنا عن تجاربه وكل ما عاشه عبر حوار حصري و خاص مع “أنوار بريس “.
كيف تولدت لديك فكرة المغامرة عبر التجوال وكيف قمت بالاستعداد لها ؟
الترحال والسفر كان حبا منذ الصغر، لكن هذا النوع من الترحال أو “التريب”كما يحب أن يسميه الرحالة، فُرض علي في البداية، لكن بعدها أصبح حبا وعشقا لا نظير له، فهو وسيلة السفر التي تثنيني عن حاجتي الماسة للمال زيادة على أنه أكثر متعة ولا يخلو من مغامرات وتشويق، فأصبح السفر لا يتطلب مني سوى أن أعد العدة وأحزم حقيبة ظهري المتنقلة بكل ما قد أحتاجه في الطريق “أواني، فراش ، خيمة، حذاء إضافي، ملابس، إسعافات أولية…”، ثم أحدد وجهتي وأنطلق، وكلي أمل بأن أجد من يقلني معه في طريقه إلى وجهتي، إلا أن الأمل وحده لا يكفي أحيانا فيصبح لا مناص لي من التنقل على الأقدام كيلومترات ترتفع وتنخفض ارتباطا بما إذا ساعفني الحظ وأقلني أحد مستعملي الطريق “سيارات، شاحنات ، عربات …”، وهكذا استطعت بواسطة “التريب”زيارة مختلف مناطق المغرب وتعرفت على أغلب ثقافات بلدي المتنوعة، ولكن عشقي وحبي للمغامرة ظل وأصبح أقوى فصارت إفريقيا الوجهة التي يمكن أن تلبي وتغني ما بداخلي، وهكذا كانت الفكرة التي أصبحت اليوم واقعا.
ماهي أبرز الدول التي مررت عبرها في رحلتك ؟ وما الصعوبات التي واجهتها في طريقك ؟
كانت بداية رحلتي يوم 1 يناير 2018 ، واليوم استطعت عبور 10 دول هي “موريتانيا، السنغال،غينيا بيساو، مالي ،بوركينافاسو، كوديفوار،غانا، الطوغو،غامبيا “وصراحة لم أواجه صعوبات كبيرة باستثناء بعض المشاكل التي تحدث معي كلما أصاب دراجتي عطل ما، وأنا لا أؤمن بالصعوبات، ولكنني أعلم بأن هناك عوائق ومشكلات يجب علي أن أتجاوزها وألا أدعها تقف حجر عثرة في طريقي، إضافة إلى أن المشاكل هي جزء من المتعة والمغامرة، وأنا أحاول أن أستمتع بها دون أن أترك لها مجالا لكي تحبط عزيمتي أو تثنيني عن عيش حلمي الإفريقي .
كيف كان تعاملك مع مرض “الملاريا”؟
إحساس غريب يجمع مابين الجمالية ومابين المعاناة، أنا أذكر بأن إصابتي بمرض الملاريا تزامن مع شهر رمضان ،حينها بالليل لم أكن أشعر بأي شيء، كانت ليلة عادية نمت خلالها نوما هنيئا إلا أن الأمور تغيرت في الصباح، فما إن استيقظت حتى وجدت جسدي وأطرافي عاجزة عن الاستجابة لي ولم أستطع تحريكها إلا بصعوبة كبيرة، كنت أتهاوى ساقطا على الأرض كلما استجمعت قواي ووقفت، ظللت على هذه الحال أكافح إلى أن استطعت الوصول إلى المستشفى الذي اكتفى طاقمه الطبي بمدي بالدواء وتركي أعود إلى حال سبيلي، حيث مكان إقامتي، على نفس المنوال الذي أتيت به إلى المستشفى، لأظل بعدها ثلاثة أيام أهذي وأغرق في أحلام غريبة أعجز عن وصفها، حدث معي كل هذا بدولة الكوديفوار التي قضيت بها شهر رمضان كاملا.
لماذا تحب تسمية رحلتك ب”الحلم الإفريقي”؟
ببساطة لأنها كانت حلما لي قبل أن أنطلق في رحلتي ومازالت حلما أعيش أطواره يوميا، لذا فإفريقيا بأدغالها وجبالها وبحارها وشعوبها هي حلم بالنسبة لي، لذلك أسميها بالحلم الإفريقي، وإن تحدثت عن تاريخها وثقافتها وكل مايتعلق بها فلن أوفيها حقها، لذا فهي، بخلاصة، الحلم الذي لا أستطيع وصفه أو التعبير عنه.
ماهي العادات والثقافات التي ظلت راسخة بذهنك ؟ وكيف تتواصل مع الأفارقة ؟
صراحة أكثر البلدان التي استحوذت على إعجابي وأسرتني بجمالها وتسامح شعبها هي السنغال، و خصوصا جزيرة “joal-fadoith”أو جزيرة التسامح و التعايش، كما أحب أن أسميها، ففيها يعيش المسيحيون والمسلمون دونما أدنى تمييز أو تعصب، كل يقوم بشعائره الدينية وسط جو من الاحترام والتقدير المتبادل، لدرجة أنك لن تستطيع التمييز بين المسلم والمسيحي، وكم من مرة تمنيت لو أن العالم يأخذ هده الجزيرة قدوة له في تعايش أهلها وسلمهم، هذه الجزيرة بصفة خاصة وإفريقيا بصفة عامة غيروا الكثير من المفاهيم الخاطئة التي رسخها الإعلام في ذهني، فإفريقيا ليست بلد أوبئة ومجاعة، وأغلب الأفارقة جيدون و أهل كرم وتسامح على عكس ما يشاع عنهم، فقد عشت معهم وتعلمت بضع كلمات من لغتهم ولبست لباسهم وتواصلت معهم أحيانا باللغة الفرنسية وأحيانا أخرى بالإشارة والإنجليزية، وغالبا ما تواصلت معهم بالابتسامة والحب المتبادل، وأنا أؤكد لك أن كل مايروج عنهم ليس صحيحا، تعال إلى هنا وعش معهم لتتأكد بنفسك وترى الأمور من منظار واقعها لا منظار ماقيل عنها .
ماهي الوجهة أو ما المكان الذي تتشوق للوصول إليه ؟
المكان الذي أريد أن أصل إليه هو بركان “أرتألي”الناشط بإثيوبيا أو “بوابة جهنم”، كما يحلو للمغامرين تسميته، ومن ثم الإتجاه إلى أرض النيل والفراعنة وزيارة الأهرامات بمصر، لأختتم رحلتي الأولية بدخول المغرب من الجزائر تعبيرا عن أخوة الشعبين وصداقتهما، والأهم أن أزور أكبر عدد ممكن من الدول الإفريقية.
ماقصتك مع الأعمال والأنشطة الثقافية والخيرية بكل دولة تحط الرحال بها ؟
أنا فقط أحاول أن أعطي انطباعا وصورة جيدة عن المغرب والمغاربة، فأنا أعتبر نفسي سفيرا لهم هنا ومن واجبي أن أرسخ انطباعا جيدا عنهم بإفريقيا، لذا فكلما حططت رحالي بدولة ما إلا وأحاول أن أنسجم مع أهلها وسكانها، وأقدم لهم مساعدات بسيطة لكنها تجعلني أتشارك معهم جميعا الحب والتقدير.
هل لديك مشاريع مستقبلية توظف فيها كل ما اكتسبته خلال رحلتك بالقارة الإفريقية ؟
في البداية لم تكن لدي أية مشاريع مستقبلية، ولكن غنى الثقافة الإفريقية والصورة النمطية الخاطئة المنتشرة عنها جعلتني أفكر في إخراج فيلم يجسد حقيقة هذه البلدان ويعرف بثقافاتها ولباسها وجمالها، بل و حتى مأكولاتها المتنوعة.
بمناسبة حديثك عن المأكولات الإفريقية ماهو ألذ طبق تناولته في رحلتك هذه ؟
تناولت العديد من الأطباق الغريبة و الشهية والتي أدون أسمها إلى حين أن تأتي فرصة ثانية لأتناولها، ولكن أحسن وألذ طبق بالنسبة لي هو طبق المغاربة بأبيدجان.
هل من رسالة تريد توجيهها للجميع من خلال خوضك لهده المغامرة ؟
السلام والحب هما الرسالة التي أريد أن أوصلها للجميع وإفريقيا قد تكون أرحم من دول وأماكن أخرى، لذا غيروا الصورة الخاطئة المترسخة بذهنكم عنها، ومرحبا بكم فيها وبها .
تعليقات
0