استغرب المرصد المغربي للعنف ضد النساء «عيون نسائية»، تصريح وزير العدل حول تأجيل البت في مقترح تقدم به فريق برلماني بشأن تعديل مدونة الأسرة، مبررا ذلك أن الوزارة تشتغل من أجل إعادة النظر في بعض مقتضيات مدونة الأسرة، وبأن المدونة ترتبط بالدين الإسلامي»، وتتطلب الرجوع إلى فتاوى وآراء مؤسسات دينية، وضمان توافقات اجتماعية…
وأكد المرصد أن هذا التصريح يتعارض مع متطلبات دولة الحق والقانون والمؤسسات، ويرجع بنا إلى ما قبل سنة 2003، حين كانت الأصوات المحافظة الرافضة لتغير «مدونة الأحوال الشخصية» تحيط هذا القانون بنوع من « القدسية»، وتربطه تعسفيا بالدين، وتعتبره شأنا خارج القوانين الوضعية وخارج اختصاصات المؤسسة التشريعية.
وأكد المرصد، في بيان توصلت الجريدة بنسخة منه، أنه في الوقت الذي تنشغل فيه مكونات الحركة النسائية والحقوقية بتقييم حصيلة تطبيق مدونة الأسرة بعد 18 سنة على صدورها، وتعلن عن انطلاق حملة ترافعية من أجل مطالبة المشرع بإخضاعها لمراجعة جذرية وشاملة ، تنسجم مع قيم حقوق الإنسان ومع التزامات المغرب الدولية بشأن مناهضة كل أشكال العنف والتمييز، وفي خضم النقاش الدائر حول التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يعرفها المجتمع المغربي، وتأكيد العديد من الدراسات والتقارير على عدم مسايرة مدونة الأسرة الحالية لهذه التحولات، وعدم انسجامها مع التزامات المغرب بشأن إرساء تشريعات قائمة على مبدأ المساواة، تضمن الحقوق والحريات للنساء والرجال على قدم المساواة، وفي الوقت التي تتعالى فيه أصوات المغربيات عبر مراكز الاستماع التابعة للجمعيات النسائية، وفي ردهات المحاكم، لفضح مظاهر التمييز والظلم في القانون الحالي الذي يكرس السلطة الذكورية ويسمح -بحكم فلسفته ومقتضياته وأشكال تطبيقه – بانتهاك حقوق النساء والأطفال؛ يخرج الوزير بهذا التصريح المتعارض مع متطلبات دولة الحق و القانون .
وسجل المرصد رفضه لهذا الموقف «المحافظ» الذي يتناقض مع اختيار «الحداثة» والتقدم الذي ورد في تصريحات الحكومة خلال مناسبات عديدة، ويكرس فكرة «القدسية» و»الاستثناء» حين يفصل التعاطي مع مدونة الأسرة عن باقي القوانين ويربطها بصلاحيات مؤسسات أخرى خارج المؤسسة التشريعية، متسائلا حول مبررات هذا الموقف الصادر عن وزير العدل في الوقت الذي يقدم فيه المغرب تقريره الرابع بشأن الاستعراض الدوري الشامل والمتضمن لتوصيات قبلها المغرب خلال الاستعراض الدوري السابق لسنة 2017، تتعلق بإحداث تغييرات وإصلاحات تشريعية ومنها أساسا مدونة الأسرة، بشكل يضمن ملاءمتها مع مبدأ المساواة ومع حقوق النساء والأطفال.
وساءل مرصد عيون نسائية الحكومة، في ذات البيان، حول الوفاء الفعلي بالتزاماتها المتضمنة في التقرير الجامع الخامس والسادس المتعلق بإعمال المغرب لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ومدى انسجام تصريح وزير العدل الداعي إلى « تأجيل» تعديل مدونة الأسرة لاعتباره أن هذا التشريع يتجاوز صلاحيات المؤسسة البرلمانية، مع ما سيقدمه المغرب من مبررات لذلك خلال مناقشة التقرير أمام لجنة السيداو بهيئة الأمم المتحدة خلال الفترة ما بين 13 يونيو و1 يوليوز 2022، معتبرا تصريح وزير العدل منافيا للإرادة السياسية اللازمة من أجل الوفاء بتعهدات الحكومة وبالتزامات المغرب الأممية بشأن القضاء على كل مظاهر التمييز، مجددا، كجمعيات نسائية، مطالبه بالعمل على إقرار قانون أسرة يتلاءم مع قيم حقوق الإنسان ومع معايير التشريعات الحديثة التي تقوم على المساواة، بما يضمن عدالة أسرية تحمي حقوق جميع أفراد الأسرة دون تمييز؛ ضرورة الانفتاح على الاجتهادات القضائية والفكرية المتنورة، ومراعاة التطور الذي عرفه الواقع للتسريع بمراجعة شاملة وجذرية لمدونة الأسرة؛ ضرورة إشراك مكونات المجتمع المدني وضمنه الجمعيات النسائية كقوة اقتراحية وكمصدر للخبرة في الأوراش الإصلاحية المتعلقة بالتشريعات وبالمساطر المرافقة لها من أجل عدالة تحمي حقوق المواطنات والمواطنين بدون تمييز؛ تعزيز التعاون القضائي الدولي في مجال القضاء الأسري والخاص، لإرساء ممارسة قضائية تراعي في تطبيقها للقانون العدالة ومناهضة التمييز بسبب النوع أو الوضع الاجتماعي لأفراد الأسرة؛ مرافقة الإصلاحات التشريعية بإصلاحات مؤسسية تضمن تأهيل الأطر البشرية وتوفير البنيات اللازمة لتحقيق الولوج للعدالة بشكل منصف ومتساو للمواطنات والمواطنين.