في خطوة استراتيجية نحو تحديث منظومة المحاكم المالية وتعزيز كفاءتها، يعتزم المجلس الأعلى للحسابات إجراء نقلة نوعية في طريقة عمله، حيث قدم الكاتب العام للمجلس، السيد كولوح، مشروع ميزانية المحاكم المالية لسنة 2025 أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان والحريات. وقد ركز العرض على إطلاق نموذج جديد يهدف إلى التحول الرقمي وتطوير البرمجيات والتطبيقات المعلوماتية، بما يسهم في تحسين الأداء وتعزيز الكفاءة والشفافية في تنفيذ المهام الرقابية.
يشكل هذا التوجه نحو التحول الرقمي لبنة أساسية لتحديث إجراءات المحاكم المالية وتطوير آلياتها. ويُعد رقمنة تقديم الحسابات أحد المحاور الأساسية لهذا التحول، حيث سيتم إلغاء التعاملات الورقية التقليدية التي طالما تسببت في التأخير وزيادة هامش الخطأ. إذ يسعى المجلس إلى توفير منصة إلكترونية حديثة وآمنة تسمح للجهات الخاضعة للرقابة بتقديم حساباتها بشكل مباشر، مما يسهم في تسريع الإجراءات ويرفع مستوى الشفافية في الأداء المالي. كما يهدف هذا التحول الرقمي إلى تطوير نظام كتابة ضبط رقمي، يمكّن من رقمنة كافة العمليات المتعلقة بإدارة الملفات داخل المحاكم المالية، مما يتيح تتبع الملفات بسرعة وإصدار التقارير والأحكام بفعالية، ويقلل الاعتماد على الوثائق الورقية، مما يجعل الوصول إلى المعلومات أسهل وأكثر دقة.
علاوة على ذلك، يسعى المجلس الأعلى للحسابات إلى الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين عمليات تحليل البيانات، حيث أكد السيد كولوح على أهمية هذه التكنولوجيا في تعزيز سرعة وجودة التحليل الرقابي، وهو ما يُعتبر ضرورة ملحة في ضوء تعقيد العمليات المالية وتزايد التجاوزات. يتم العمل على إعداد خارطة طريق لاعتماد مشاريع تعتمد على الذكاء الاصطناعي، والتي يعتزم المجلس البدء في تنفيذها خلال السنة المقبلة بهدف رصد التجاوزات المالية وتقديم توصيات مدعومة ببيانات دقيقة.
وفي ظل التهديدات السيبرانية المتزايدة، يولي المجلس أهمية كبيرة لتحديث النظم المعلوماتية وتعزيز الأمن السيبراني، لضمان حماية بيانات المجلس والمؤسسات الخاضعة للرقابة. يهدف هذا التحديث إلى حماية الأنظمة الرقمية من التهديدات السيبرانية وضمان استمرارية عمل المحاكم المالية في بيئة آمنة وموثوقة، مما يسهم في تعزيز الثقة العامة بمنظومة الرقابة المالية.
تعد هذه الخطوات في التحول الرقمي نموذجاً رائداً لتعزيز الشفافية والكفاءة في الإدارة المالية بالمغرب، ولا تقتصر على تحديث البنية التحتية الرقمية، بل تضع المجلس الأعلى للحسابات في مقدمة المؤسسات التي تعتمد التكنولوجيا لتعزيز المساءلة والحوكمة.
تعليقات
0