أفادت مذكرة إخبارية صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط حول الوضعية الاقتصادية خلال الفصل الثالث من سنة 2024 أن المبادلات الخارجية للسلع والخدمات سجلت مساهمة سلبية متزايدة في النمو الاقتصادي، حيث بلغت -2.5 نقطة مقارنة بـ -1.6 نقطة خلال نفس الفترة من سنة 2023. هذا التراجع يعكس اتساع الفجوة بين نمو الواردات والصادرات، وهو ما يطرح تحديات كبيرة أمام الأداء الاقتصادي الوطني.
وبحسب البيانات، ارتفعت الواردات من السلع والخدمات بنسبة 12.9%، متجاوزة وتيرة نمو الصادرات التي بلغت 9.8%. وقد نتج عن هذا الفارق مساهمة سلبية للواردات في النمو الاقتصادي بلغت -6.9 نقطة، مقابل مساهمة إيجابية للصادرات بلغت 4.4 نقطة. ورغم التحسن الطفيف في نمو الصادرات مقارنة بالسنة الماضية، إلا أن الارتفاع الأكبر للواردات زاد من الضغط على الميزان التجاري وساهم في تفاقم العجز.
وتعكس هذه التطورات ارتفاع الطلب الداخلي على السلع والخدمات الأجنبية، وهو ما قد يرتبط بزيادة الواردات من السلع الرأسمالية والمواد الأساسية اللازمة للإنتاج المحلي. ورغم أن هذه الزيادة قد تعكس دينامية في النشاط الاقتصادي المحلي، إلا أنها تُبرز أيضًا استمرار التبعية الاقتصادية للخارج في تلبية احتياجات السوق الوطنية.
من جهة أخرى، يشير هذا الوضع إلى وجود تحديات في تعزيز تنافسية المنتجات المغربية في الأسواق العالمية، حيث يبدو أن وتيرة نمو الصادرات لم تكن كافية لتعويض تأثير ارتفاع الواردات. وتطرح هذه المعطيات تساؤلات حول مدى قدرة القطاعات التصديرية على التوسع وتحقيق نمو أكثر استدامة.
وتبرز الحاجة إلى سياسات اقتصادية متوازنة تهدف إلى تقليص العجز التجاري، من خلال تحسين تنافسية الصادرات الوطنية ودعم الإنتاج المحلي للحد من الاعتماد المفرط على الواردات. كما يمكن تحقيق ذلك عبر تعزيز الصناعات الوطنية، فتح أسواق جديدة للصادرات، ودعم القطاعات ذات القيمة المضافة العالية.
وفي ظل هذه المعطيات، فإن المساهمة السلبية للمبادلات الخارجية تظل أحد العوامل التي تعيق تحقيق معدلات نمو أعلى، ما يتطلب تدخلًا استراتيجيًا لمعالجة الاختلالات القائمة وضمان استدامة الأداء الاقتصادي الوطني.
تعليقات
0