ترأس الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، بعد زوال اليوم السبت 3 ماي 2025، أشغال المؤتمر الإقليمي السابع للحزب المنعقد بمدينة آسفي تحت شعار: “تخليق الحياة السياسية – تحصين للديمقراطية”، وذلك بالقاعة الكبرى للمركب السياحي كهرماء، في محطة تنظيمية تندرج ضمن الدينامية الوطنية التي يعرفها الحزب، وسط حضور وازن لقيادات سياسية ونقابية ومجتمعية.
وقد استهل لشكر كلمته بتوجيه تحية خاصة إلى اللجنة التحضيرية للمؤتمر، مشيدا بالعمل الكبير الذي أنجزته في ظرف قياسي، ومعتبرا أن الجدية والانضباط التي طبعت التحضير تشكل “بشائر خير لانطلاقة تنظيمية جديدة للحزب بإقليم آسفي”، مشيرا إلى أن الوجوه الحاضرة بالمؤتمر تعبر عن هذا النفس الجديد الذي يحتاجه الاتحاد.
وانتقل الكاتب الأول إلى لحظة وفاء، مستحضرا عددا من رموز النضال الذين بصموا تاريخ الحزب والمنطقة، وقال: “لا يمكن أن تمر هذه اللحظة دون أن نتذكر الراحل الوديع الأسفي، والمقاوم محمد الشعبي، والمقاوم محمد المرابطي، والأستاذ الولادي، الذي ساهم في ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان بالإقليم”، كما هنأ نوفل البعمري على تحمله مسؤولية قيادة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، معتبرا أن البلاد بحاجة إلى منظمة “قوية، شجاعة، وجريئة”.
واستعاد لشكر محطات من تاريخ الحزب قائلاً: “نحن لسنا الحزب الذي اجتمعت إرادات لتؤسسه، بل نحن نابعون من الجذور… لا يمكن للاتحاد أن يموت بقرار، لأنه لم يولد بقرار”، مسترجعا ذكريات المؤتمر الاستثنائي لسنة 1975 والنقاشات الكبرى التي قادها عمر بنجلون، قائلا: “تعلمنا منه التحليل الملموس للواقع، وقد كان قادرا على إنهاء مؤتمر فجرا بإرادة التوافق”.
وفي سياق حديثه عن الوضع السياسي والشعار الذي اختير للمؤتمر، شدد لشكر على أن تخليق الحياة السياسية هو الشرط الضروري لتحصين الديمقراطية، منتقدا ما أسماه بـ”الركود والغلو السياسي وقلة المعقول”، حيث تطرق الكاتب الأول لمبادرة ملتمس الرقابة التي تقدم بها الحزب، مؤكدا أن الغرض منها ليس إسقاط الحكومة، بل إحياء النقاش السياسي الحقيقي داخل البرلمان، قائلا: “نحن دولة مؤسسات ولسنا دولة هشة… نحتاج أن يشاهد المواطنون نقاشا حقيقيا على شاشاتهم حول مستقبل بلادهم، بدل هذا التغول العددي الذي يُفرغ الانتخابات من مضمونها”.
كما أبدى لشكر تخوفه من أن تتحول الانتخابات المقبلة إلى استحقاقات شكلية في ظل هيمنة حزب الأغلبية على مختلف المؤسسات، من الحكومة إلى المجالس الترابية، مؤكدا أن ذلك “لن يعكس الإرادة الحقيقية للشعب المغربي، ما لم تحدث وقفة تصحيحية تنطلق من داخل المؤسسات”.
في ختام كلمته، عبر لشكر عن إعجابه بتقرير اللجنة التحضيرية لمؤتمر آسفي، معتبرا أن التوليفة التي تجمع بين البعد النقابي والحزبي تشكل أساسا لبناء تنظيمي قوي، داعيا المؤتمرين إلى الاشتغال على تقوية القطاعات الحزبية، كما وجّه نداءً صريحا إلى ساكنة آسفي قائلا: “رغم ما حبا الله به المدينة من ثروات ومعادن وفوسفاط، فإن أبناءها لم ينالوا من هذا الخير شيئا، لذلك آن الأوان أن ينتفضوا عبر صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم الحقيقيين”.
وشهد المؤتمر الذي توج بانتخاب عبد الرحيم حراف كاتبا إقليميا للحزب بإسفي، ويوسف جدية رئيسا للمجلس الإقليمي للحزب، حضور كل من الكاتب الجهوي عبد السلام كريم، وأعضاء المكتب السياسي محمد ملال، المهدي مزواري، عبد الله الصيباري، إلى جانب يوسف إيدي الكاتب الوطني للفيدرالية الديمقراطية للشغل، وميلودة حازب الكاتبة الجهوية لمنظمة النساء الاتحاديات، وعبد الصادق السعيدي نائب الكاتب العام للفيدرالية، وبلمقدم الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحة، وأعضاء من الكتابة الجهوية والكتابات الإقليمية، وسط حشد غفير من المؤتمرات والمؤتمرين.
وافتتحت أشغال المؤتمر بكلمة ترحيبية ألقاها منير الشرقي، تلاها النشيد الوطني ونشيد الحزب، لتتوالى بعدها كلمات ممثلي الهيئات المشاركة، وتتخللها عرض شريط وثائقي يوثق لمسار الحزب محليا ووطنيا، مع تكريم مجموعة من المناضلات والمناضلين، وقد اعتبر المؤتمر مناسبة تنظيمية لتقييم الأداء الحزبي بالإقليم، ورسم ملامح المرحلة المقبلة، في أفق تجديد الخطاب والممارسة، وترسيخ حضور الحزب كقوة اقتراحية تقدمية، وفية لتاريخها ومتصلة بقضايا المواطنات والمواطنين.
تعليقات
0