إدريس لشكر يقدم عرضا حول الدبلوماسية الموازية وتجربة الاتحاد الاشتراكي في ندوة وطنية بمجلس المستشارين

أنوار التازي الإثنين 5 مايو 2025 - 16:12 l عدد الزيارات : 11605

افتتحت اليوم الاثنين بمقر مجلس المستشارين أشغال ندوة وطنية حول موضوع “البرلمان المغربي وقضية الصحراء المغربية: من أجل دبلوماسية موازية ناجعة وترافع مؤسساتي فعال”.

وقدم الكاتب الأول الأستاذ إدريس لشكر عرضا حول الدبلوماسية الموازية وتجربة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية خلال أشغال هذه الندوة المنظمة من طرف مجلس المستشارين.

وأكد الاستاذ لشكر، أن الديبلوماسية الموازية، تعتبر مفهوما جديدا نوعاً ما حيث ظهر لأول مرة سنة 1981 من طرف دبلوماسي امريكي رأى أن الجهود الرسمية للدول ليست كافية وحدها لحل النزاعات المعقدة. فالدبلوماسية الموازية تقوم على مساهمة الأفراد والمنظمات غير الرسمية — من جامعات، نقابات، أحزاب، جمعيات ومراكز أبحاث — في التأثير على العلاقات الدولية خارج القنوات الرسمية.

وشدد الكاتب الأول، على أن الدبلوماسية الموازية تتحرك في مسارين متكاملين، الأول يتعلق بخلق فضاءات غير رسمية للحوار والتواصل بين أطراف النزاع أو بين ممثلين عن مجتمعات مختلفة، بهدف بناء الثقة وتبادل وجهات النظر خارج ضغوط الإعلام والسياسة الرسمية. والثاني يهم التأثير على الرأي العام، سواء المحلي أو الدولي، عبر الترافع المدني، وتنظيم التظاهرات الفكرية، والنقاشات الأكاديمية، من أجل حشد الدعم لقضية معينة.

وفي هذا السياق، أكد الاستاذ لشكر، على أهمية التكامل بين الدبلوماسية الرسمية والموازية، فبينما تشتغل الأولى ضمن إطار السياسات العامة للدولة، وتمثل مصالحها بشكل مباشر على المستوى الحكومي، فإن الثانية تُوفر هامشًا من المرونة والحركية. كما يمكن للدبلوماسية الموازية أن تهيئ الأرضية لحوار رسمي، أو تمهّد لتفاهمات سياسية، أو تخفف التوتر في أوقات الأزمة.

وأشار الاستاذ لشكر، أن العلاقة بين المسارين ليست تنافسية، بل تكاملية، حيث تستفيد الدبلوماسية الرسمية من الروابط المجتمعية والثقافية التي تنسجها المبادرات الموازية، في حين تستند هذه الأخيرة إلى الشرعية والمكانة التي تمنحها الدولة للمواقف والقضايا الوطنية.

ومن جهة أخرى، أوضح الاستاذ لشكر، أن الدبلوماسية الرسمية تلعب دورًا أساسيًا في دعم وتأطير المسارات الموازية ضمن رؤية وطنية موحدة، مما يُعزّز من فعالية القوة الناعمة للدولة، فحين يتم استثمار هذه الجهود المدنية والثقافية بشكل منسق، تتحول إلى أداة استراتيجية لخلق صورة إيجابية عن البلد، وتعزيز حضوره الرمزي والسياسي في المحافل الدولية، بما يخدم المصالح العليا للأمة.

وفي هذا الإطار، ذكر الاستاذ لشكر، بما جاء في الخطاب السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، خلال افتتاح الدورة البرلمانية، حيث شدّد جلالته على أهمية تعزيز الدبلوماسية الحزبية والبرلمانية كرافعتين أساسيتين في الدفاع عن قضية الصحراء المغربية، مؤكدا على: “ضرورة الانتقال من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير، في التعامل مع قضية الصحراء المغربية”، داعيًا إلى “مواصلة الترافع عن عدالة قضيتنا، والتصدي لمناورات الخصوم” .

وأضاف الاستاذ لشكر، “هذا التوجيه الملكي السامي يضع على عاتقنا مسؤولية تطوير استراتيجيات وأدوات الترافع، وتبني أساليب جديدة تتلاءم مع التحديات المعاصرة، بهدف التصدي لمناورات الخصوم وتحقيق الأهداف الوطنية العليا.”

وأكد الاستاذ لشكر، على أن هذا هو الهدف الذي يسعى الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى تحقيقه في إطار التعاون مع شركائه الدوليين، سواءً مع الأحزاب السياسية أو البرلمانيين التابعين لها. ومثال على ذلك هو المنتدى الدولي للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين، الذي تم إنشاؤه بمبادرة من الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، و الذي اختتمت دورته الثالثة السبت 3 ماي بمشاركة 120 شابًا برلمانيًا من مختلف القارات.

وأشار إلى أن هذه الدورة كانت ناجحة بشكل خاص لأنها شكلت فرصة للتعبير عن دعم المشاركين الواضح للمبادرة المغربية في حل النزاع في الصحراء و عموما للرؤية المغربية لنشر السلم و النمو بالقارة الأفريقية و خاصة الخطة الملكية المتعلقة بالواجهة الأطلسية الجنوبية. مضيفا أن هذا النجاح يعكس التزام الاتحاد الاشتراكي بتعزيز رؤيته الاستراتيجية والمشتركة في إطار هذا المحفل الدولي، ويعزز الدبلوماسية المغربية على الساحة الدولية.

وبخصوص تجربة الاتحاد الاشتراكي، أكد الاستاذ لشكر، أن انخراط الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في الدبلوماسية الموازية ينبع من كونه امتدادًا لحركة التحرر الوطني. فمنذ تأسيسه، انخرط الحزب في دعم قضايا الشعوب المستعمرة والمجتمعات التي تناضل من أجل بناء دولة الحق و القانون وخلق علاقات دولية قوية، بدءً من المساهمة في منظمة التضامن بين شعوب إفريقيا وآسيا، والإعداد لمؤتمر القارات الثلاث.

و أضاف الاستاذ لشكر، أنه ثم في الفترة المعاصرة الانضمام إلى الأممية الاشتراكية و لعديد المنتديات الدولية و الاقليمية كالرابطة التقدمية Alliance Progressiste التي يقودها كل من الحزب الاشتراكي الالماني و السويدي و مجموعة الكوبال ( COPPAL) التي هي تجمع لكل الاحزاب اليسارية بامريكا اللاتينية، فضلا عن إيلاء الأهمية لربط علاقات ثنائية مع أحزاب قريبة إيديولوجيًا كالحزب الاشتراكي الفرنسي، الإسباني، السنغالي، والأحزاب الاشتراكية في أمريكا اللاتينية.

وشدد الاستاذ لشكر، أن “هدفنا الأساسي من هذا الانخراط هو الترافع عن الوحدة الترابية للمغرب، والتعريف بالنموذج التنموي الوطني ومسار الاختيار الديمقراطي.”

وأشار أن ما يميز التجربة الاتحادية في هذا المجال، هو الالتزام والانتظام رغم الصعوبات، والانفتاح على قضايا الشعوب الصديقة دون المس بمبادئ الحزب وثوابت الوطن، و الاعتماد على مصداقية مضمونه الترافعي المستند لمرجعية الحزب الوطنية والتقدمية.

وخلص الكاتب الأول، إلى ضرورة البحث عن قضايا مشتركة لتقوية روابط التعاون، و اعتماد مبدأ الترافع المتبادل، مع احترام الثوابت الوطنية، والاهتمام الخاص بالواجهة الإفريقية كعمق استراتيجي للمغرب، و مواصلة الجهود لضم أصوات داعمة لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، وتوسيع دائرة التعاطف الدولي مع المغرب.

وذكر الكاتب الأول، أن الدبلوماسية الموازية لم تعد مجرد خيار، بل أضحت ضرورة في عالم متعدد القوى ومتغير باستمرار، ومن واجبنا، كأحزاب تقدمية، أن نستثمر فيها للدفاع عن قضايانا الوطنية العادلة، وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية.

وتندرج هذه الندوة ضمن برنامج عمل مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة حول قضية الوحدة الترابية للمملكة المحدثة وفقا لمقتضيات النظام الداخلي لمجلس المستشارين والذي يشمل أيضا تنظيم سلسلة من الفعاليات والأنشطة المختلفة من قبيل جلسات استماع، وورشات عمل داخلية، وتتبع المساهمات المتنوعة والإنتاجات الأكاديمية لهيئات وفعاليات مهتمة بقضية الصحراء المغربية، إضافة إلى الانكباب على دراسة رصيد وثائقي غني يغطي مختلف الجوانب ذات الصلة بالموضوع.

ويأتي تنظيم هذه الندوة الوطنية الهامة، حسب الأرضية التأطيرية للندوة، “في مرحلة دقيقة ومفصلية من تطور ملف الصحراء المغربية، حيث تتقاطع التحولات الدولية المتسارعة مع الدينامية الوطنية الراسخة التي تقودها الدبلوماسية الملكية، وهو ما يستوجب تعزيز دور المؤسسة التشريعية، وتعبئة النخب الفكرية والسياسية، لصياغة رؤى استراتيجية ملموسة وآليات تنفيذية مدروسة تعزز التحرك الوطني، وتعكس وعيا جماعيا بالمسؤولية المشتركة تجاه القضية الوطنية الاولى”.

وأبرزت الوثيقة أن أهمية الندوة لا تكمن فقط في مواكبتها للمستجدات السياسية والدبلوماسية والتنموية التي تعرفها الأقاليم الجنوبية للمملكة، بل أيضا في قدرتها على إنتاج رؤية وطنية تشاركية، تعزز انخراط مجلس المستشارين في الترافع المؤسساتي وت سهم في ترسيخ الدبلوماسية البرلمانية كرافعة استراتيجية داعمة للتحرك الرسمي، وكأداة فعالة لتعزيز موقع المغرب في محيطه الإقليمي والدولي.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الإثنين 5 مايو 2025 - 21:44

دورة ماي بسيدي قاسم: إجماع جماعي حول مشاريع تخدم المواطنين

الإثنين 5 مايو 2025 - 20:44

مركز يناقش “الشباب المغربي بين الأولويات والتحديات”

الإثنين 5 مايو 2025 - 20:14

شغيلة الصحة باشتوكة أيت باها تندد بتدني الخدمات الطبية وتدعو إلى إنقاذ المنظومة الصحية من الإفلاس

الإثنين 5 مايو 2025 - 19:44

أطر عسكرية أمريكية تشرف على دورة تدريبية حول “العنف القائم على نوع الجنس” لمكونات القوات المسلحة الملكية

error: