جاءت مشاركة المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني، عبد اللطيف حموشي، على رأس وفد أمني رفيع في أشغال الاجتماع الإقليمي الثاني والعشرين لرؤساء أجهزة الاستخبارات والأمن بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لتؤكد من جديد الحضور المتصاعد للمغرب كفاعل محوري في هندسة الأمن الإقليمي والدولي.
هذه المشاركة ليست مجرد حضور بروتوكولي في لقاء دولي، بل تحمل في طياتها عدة دلالات استراتيجية تعكس موقع المغرب اليوم في الخارطة الأمنية العالمية:
ترسيخ موقع المغرب كمرجع أمني إقليمي:
بفضل خبرته المتراكمة في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف والجريمة المنظمة، بات المغرب يُنظر إليه من قبل شركائه كدولة تملك نموذجًا ناجحًا وفعالًا في المجال الأمني، يعتمد على مقاربة شمولية تدمج البعد الأمني مع التنمية ومواجهة الأسباب الجذرية للتطرف.
تعزيز مصداقية الأجهزة الأمنية المغربية دوليًا:
مشاركة عبد اللطيف حموشي، وهو شخصية معروفة بكفاءتها على الصعيد الدولي، تُعد في حد ذاتها رسالة قوية حول مكانة ومصداقية المؤسسة الأمنية المغربية. لقد استطاع الحموشي، منذ سنوات، أن يُحدث نقلة نوعية في أداء الأجهزة الأمنية، سواء من حيث التحديث المؤسساتي أو من حيث تكريس مبادئ الحكامة الجيدة واحترام حقوق الإنسان.
دور المغرب في الأمن الجماعي:
لا يكتفي المغرب بالعمل على حماية أمنه الوطني، بل يُسهم بفعالية في جهود الأمن الجماعي، خاصة في قضايا الإرهاب والجريمة العابرة للحدود. وهذا الحضور في فيينا يأتي ضمن سياق أوسع من التعاون الأمني مع شركاء تقليديين وجدد، من أوروبا إلى إفريقيا والشرق الأوسط.
تعميق الشراكات الأمنية الثنائية والمتعددة الأطراف:
إلى جانب المشاركة في المناقشات الجماعية حول التهديدات الإرهابية، حرص الحموشي على إجراء لقاءات ثنائية مع نظرائه من دول رئيسية مثل قطر، تركيا، السعودية، الإمارات وباكستان. وهذا يُبرز البعد العملي والبراغماتي للديبلوماسية الأمنية المغربية، التي تجمع بين العمل المتعدد الأطراف وتعزيز الشراكات الثنائية.
مواجهة التهديدات العابرة للحدود بنظرة استباقية:
ناقش الاجتماع مسائل دقيقة كتحولات تنظيمَي “داعش” و”القاعدة”، بما في ذلك التمويلات والتجهيزات اللوجستية وأساليب الدعاية. حضور المغرب الفاعل في هذه النقاشات يكرّس مكانته كدولة ذات قدرة تحليلية واستشرافية، لا تكتفي بردّ الفعل بل تبادر بصياغة رؤى وحلول استباقية.
تعزيز صورة المغرب كفاعل استقرار إقليمي:
في ظل ما تعرفه المنطقة من أزمات وصراعات، يُقدّم المغرب صورة البلد المستقر، القادر على لعب دور الوسيط والضامن للأمن، وهو ما يمنحه احترامًا وثقة من قبل شركائه الدوليين، ويعزز مكانته الديبلوماسية والسياسية أيضًا.
تبرز هذه المشاركة المغربية في فيينا حجم الثقة التي أصبحت تحظى بها المقاربة الأمنية المغربية، وحجم الرهان الدولي على المغرب كشريك أساسي في مواجهة التحديات الأمنية الراهنة. ومن المؤكد أن هذا الحضور القوي والمستمر، يُكرّس المغرب كرقم صعب في المعادلة الأمنية إقليميًا ودوليًا.
تعليقات
0