سكان البنايات المصنفة تراثا معماريا ب “رينشهاوسن” و”بيتري”، في طنجة، يواجهون التهجير ويرفضون منطق الاستثمار الجشع

أحمد بيضي الخميس 8 مايو 2025 - 13:38 l عدد الزيارات : 9428

أحمد بيضي

في حركية تتسم بالوعي المدني، وضمن مسار تصاعدي في الدفاع عن حقوقهم، واصل سكان وتجار بنايات رينشهاوسن وبيتري، بمدينة طنجة، تحركاتهم لإيصال صوتهم إلى الجهات المسؤولة، حيث عقد مكتب “جمعية سكان وتجار رينشهاوسن للتنمية البشرية”، يوم الثلاثاء 6 ماي 2025، لقاء عمل وصف بالبناء مع نائبة عمدة المدينة، المكلفة بالمجتمع المدني والشؤون الاجتماعية، والذي احتضنه مقر الجمعية، شكل مناسبة عرض فيها ممثلو الساكنة والتجار مختلف أوجه قضيتهم، خاصة ما يتعلق بالطابع الاجتماعي والإنساني الذي لا يمكن اختزاله في الجانب القانوني البحت، مستندين في ذلك إلى معطيات ميدانية وإحصائيات تعكس عمق الأزمة.

وقد أبدت نائبة العمدة تفاعلا ملحوظا مع الملف، متعهدة برفعه إلى رئيس جماعة طنجة لدراسته بما يليق بحساسيته وتعقيده، في بادرة اعتبرها المتحدثون باسم الجمعية “بارقة أمل” في ظل ما وصفوه ب “تجاهل متكرر من قبل الملاك الجدد الذين يعتمدون أساليب تهدف إلى تفكيك النسيج المجتمعي وخلق جو من التوتر وعدم الاستقرار”، هؤلاء الملاك الجدد، وفق تصريحات الساكنة، اختاروا “اعتماد سياسة “فرق تسد” بدل الحوار، مستغلين ثغرات قانونية وتوجيه إنذارات ورفع دعاوى قضائية استعجالية بذريعة “الاحتلال بدون سند”، مما ساهم في تعميق القلق والتوجس وسط الأسر والتجار والمستخدمين على حد سواء”.

وفي ظل هذا الاحتقان، نظم المتضررون سلسلة احتجاجات رفعت خلالها شعارات قوية تعبّر عن رفضهم للتهجير القسري، وتأكيدهم على تمسكهم بالحوار الجاد، وعقد مكتب الجمعية سلسلة اجتماعات موسعة ويومية تدارس خلالها كل التطورات الأخيرة، وخلص إلى إصدار بلاغ رسمي وجه من خلاله نداءً مفتوحا إلى المنتخبين، السلطات المحلية، فعاليات المجتمع المدني، اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة طنجة تطوان الحسيمة، وباقي الجهات المعنية بحماية التراث المعماري، حيث تم من خلال هذا البيان التشديد على رفض أي مساس بالاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للسكان والتجار، وتنديد بغياب التواصل المسؤول من طرف الملاك الجدد.

وأكد البيان أن هذه البنايات “لا يمكن التعامل معها فقط بمنطق النصوص القانونية التي وُضعت لتنظيم وضعيات عادية، لأن الواقع هنا مغاير تماما، ويستلزم حلولا استثنائية تراعي تاريخية المكان وامتداد الاستقرار البشري فيه لأزيد من قرن من الزمن”، كما ذكر البلاغ ب “مساهمات السكان والتجار المتواصلة على مر السنين في صيانة العقار والحفاظ عليه كمعلمة أثرية على نفقتهم الخاصة، رغم كلفة الأشغال التي تتطلبها بنايات قديمة بهذه القيمة الرمزية”، فيما عبر البلاغ بالتالي عن “استنكار الساكنة من غياب الشفافية، واستعمال بعض أعوان الأمن الخاص في مهام غير واضحة”، مما زاد من الاحتقان وسط السكان.

وفي ظل تفاقم الوضع، عبر ممثلو الجمعية عن “استعدادهم للجوء إلى الإعلام والمؤسسات الوطنية، وعلى رأسها الديوان الملكي، دفاعا عن قضيتهم التي يعتبرونها عادلة، كما جددوا تأكيدهم على “أنهم ليسوا ضد التفاوض، لكن شريطة أن يكون تفاوضا مسؤولا، لا يقصي أحدا ولا يستغل هشاشة بعض الفئات”، ودعا البيان إلى “وقف جميع الدعاوى القضائية فورا”، وإلى “إحداث عنوان قار للملاك الجدد يُمكن السكان من أداء واجباتهم الكرائية بشكل منظم، عوض إيداعها لدى صندوق المحكمة”، وكذا إلى “ضرورة إشراف السلطات المحلية واللجنة الجهوية لحقوق الإنسان على التفاوض باعتبارهما جهتين محايدتين”.

ومن موقعهم كجمعية تمثل هذه الشريحة المحتجة، أعلنت الجمعية، من جهة أخرى، نيتها مراسلة الجهات الوصية على التراث الثقافي، وكذلك منظمات دولية تعنى بحماية المعالم التاريخية، منبهة إلى “أن البناية اكتسبت بعدا ثقافيا وتاريخيا منذ الزيارة الملكية سنة 2005 التي أعقبتها أوامر ملكية بتصنيف المعلمة”، الأمر الذي يدعو المؤسسات المعنية أكثر إلى وضع في صلب أولوياتها الإنسان في علاقته بالمكان، بعيدا عن منطق الاستثمار الجشع الذي يهدد ذاكرة طنجة وتاريخها، ويختزل الحاضر في حسابات ضيقة لا تراعي البعد الاجتماعي والإنساني. ويختم السكان والتجار نداءهم الحار بعبارة جامعة: “لن نقبل بأن نُؤكل فرادى… وحدتنا هي قوتنا”.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الخميس 8 مايو 2025 - 20:03

باحثون وأكاديميون يلتقون في خنيفرة لمناقشة ملف المنطقة بين تأثيرات التاريخ ورهانات التنمية والاقتصاد الثقافي

الخميس 8 مايو 2025 - 19:02

انتخاب أول بابا أميركي .. كل ماتودون معرفته عن البابا الجديد للكنيسة الكاثوليكية

الخميس 8 مايو 2025 - 18:05

وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية يتباحث بالرباط مع نظيره السعودي

الخميس 8 مايو 2025 - 18:00

مجلس المنافسة يفتح تحقيقا في وجود محتمل لممارسات منافية للمنافسة في سوق توريد السردين الصناعي

error: