رسائل جلالة الملك إلى الحجاج المغاربة .. توجيهات ودلالات عميقة

في لحظة روحانية مفعمة بالرمزية والدلالات، وجه أمير المؤمنين، جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة بمناسبة انطلاق أول فوج منهم نحو الديار المقدسة لأداء فريضة الحج لموسم 1446 هـ. وقد تلا الرسالة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، السيد أحمد التوفيق، بمطار الرباط – سلا، وسط أجواء من التأثر والتقدير العميق لمضامينها الإيمانية والوطنية.

حج بخشوع .. ومقاصد لا تغيب

في مستهل رسالته، عبّر جلالة الملك عن تهنئته للحجاج المغاربة على نيلهم شرف أداء هذه الفريضة العظيمة، داعياً إياهم إلى التحلي بالخشوع والصبر واستحضار النية في كل خطوة، إذ أن “أداء ركن الحج يستوجب استعداداً روحياً لا يغيب فيه القصد ولو للحظة واحدة”.

وأوصى جلالته الحجاج بالحرص على إتمام مناسكهم كاملة، وفق تعاليم الإسلام، مذكراً إياهم بفضل “الحج المبرور” الذي ليس له جزاء إلا الجنة، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قيم الإسلام .. وسفراء للوطن

من أبرز الرسائل التي حملتها التوجيهات الملكية، دعوة الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام السمحة: الأخوة، التسامح، الصبر، والتضامن، وهي القيم التي تشكل روح الحج وجوهره. لكن الرسالة ذهبت أبعد من ذلك، إذ شدد جلالته على أن الحجاج يمثلون أيضاً صورة المغرب الحضارية، مؤكداً أن “تمثيل بلدكم وتجسيد حضارته العريقة” مسؤولية تقع على عاتق كل حاج وحاجة.

وفي هذا السياق، ذكّر جلالة الملك بالمكانة التي بلغها المغرب بفضل تمسكه بثوابته الدينية والوطنية، لا سيما الوحدة المذهبية والاعتدال، والتي جعلت من المملكة نموذجاً في الأمن والاستقرار.

نظام وتنظيم .. ورعاية شاملة

وفي بعد تنظيمي بالغ الأهمية، سلطت الرسالة الملكية الضوء على الجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية من أجل ضمان راحة الحجاج، وتيسير أدائهم للمناسك في أحسن الظروف. حيث تم توفير بعثات متعددة الاختصاصات من علماء ومرشدين وأطباء وإداريين، بما يكفل تأطيراً شاملاً دينياً وصحياً وخدماتياً.

كما ثمن جلالة الملك الترتيبات الدقيقة التي تعتمدها المملكة العربية السعودية، قيادة وشعباً، لتنظيم موسم الحج، منوهاً بالتعاون الأخوي المتين بين المملكتين في خدمة ضيوف الرحمن.

دعاء للوطن والملك .. ووفاء للتاريخ

اختتم جلالة الملك رسالته بدعوة مؤثرة للحجاج إلى التضرع لله في مواقفهم العظيمة – وخاصة في عرفات – بالدعاء له بموفور الصحة والعافية، ولولي عهده الأمير مولاي الحسن بالتوفيق، وللراحلين جلالة الملك محمد الخامس وجلالة الملك الحسن الثاني بالرحمة والمغفرة، وللوطن بالمزيد من الأمن والعزة والرفعة.

توجيهات ملهمة .. ورسائل متعددة الأبعاد

رسالة جلالة الملك إلى الحجاج المغاربة لم تكن مجرد توجيهات دينية، بل حملت في طياتها رسائل متعددة الأبعاد: دينية، أخلاقية، وطنية وإنسانية. فهي دعوة للتأمل في جوهر الحج، ولتمثيل المغرب في أجمل صوره، ولإدراك أن هذا الركن من أركان الإسلام ليس فقط عبادة فردية، بل تجربة جماعية تعكس هوية أمة ومكانة وطن.