حزب الاتحاد الاشتراكي يُحذر: “المنظومة السياسية بالمغرب تسير نحو السكتة المؤسساتية”

محمد اليزناسني الأحد 18 مايو 2025 - 09:18 l عدد الزيارات : 15309

في تشخيص غير مسبوق لراهن الحياة السياسية بالمغرب، حذّر حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من أن المنظومة السياسية والمؤسساتية تعيش وضعًا خطيرًا يقترب من “السكتة المؤسساتية”، نتيجة اختلالات بنيوية في التوازن بين السلطات، وتغوّل الحكومة على باقي المؤسسات، وتغييب الحوار السياسي الجاد، مما يعرض المسار الديمقراطي، الذي راكمه المغرب طيلة العقود الماضية، إلى انتكاسة حقيقية.

هذا التحذير جاء في التقرير السياسي الذي قدّمه الكاتب الأول للحزب، إدريس لشكر، خلال دورة المجلس الوطني المنعقدة يوم السبت 17 ماي 2025، حيث قدّم تشريحًا دقيقًا لما وصفه بالشلل المؤسساتي الذي يضرب مفاصل الدولة الديمقراطية، مبرزًا مؤشرات هذا الانحدار في تعطيل آليات المساءلة، وإضعاف دور البرلمان، وتحوّل الإدارة الترابية إلى ساحة صراعات داخل مكونات الأغلبية بدل تقديم خدمة عمومية فعالة.

ففي كلمته السياسية أمام المجلس الوطني، وجه لشكر انتقادات لاذعة للأغلبية الحكومية، مؤكدا أن البلاد تعرف تراجعًا خطيرًا في التوازن المؤسساتي نتيجة استعمال مؤسسات الدولة لتكريس الهيمنة السياسية، بما يشكل تقويضًا واضحًا لمقتضيات دستور 2011. وندد بما وصفه بمنطق التحكم السياسي الذي تبنته مكونات التحالف الحكومي على المستويين المركزي والترابي، والذي أدى إلى شلل في عدد من المجالس المنتخبة، وأجبر سلطات الوصاية على التدخل لتدبير الأزمات بدل تعزيز استقلالية المؤسسات.

وفي هذا السياق، حمّل لشكر الحكومة مسؤولية فشل الإصلاحات السياسية، خاصة ما يتعلق بفتح ورش مراجعة المنظومة الانتخابية رغم اقتراب استحقاقات 2026، داعيا إلى إعادة النظر في أسس الإشراف على الانتخابات عبر تفعيل اللجنة الوطنية واللجان الجهوية والمحلية، بدل حصر الأمر في وزارتي الداخلية والعدل. كما شدد على ضرورة وقف استغلال وسائل الدولة لأغراض انتخابية، داعيًا إلى إرساء منظومة تضمن النزاهة وتعزز ثقة المواطن في المؤسسات والعمل السياسي.

التقرير السياسي للحزب أوضح أن الحكومة الحالية أمعنت، منذ بداية ولايتها، في تعطيل الآليات الرقابية التي يكفلها الدستور، من خلال غياب رئيس الحكومة عن الجلسات الشهرية، وتراجع الحضور الوزاري في جلسات المساءلة الأسبوعية، مما أفقد هذه الممارسات مضمونها الحقيقي، وجعل من البرلمان مجرد واجهة شكلية بدل أن يكون سلطة تشريعية مستقلة وفاعلة.

كما كشف التقرير عن تمادي الحكومة في تهريب اختصاصات تشريعية إلى الجهاز التنفيذي، واستغلال أغلبيتها العددية لتمرير قوانين استراتيجية دون إشراك البرلمان أو فتح نقاش عمومي، مثلما حصل في قانون إحداث وكالة الدعم الاجتماعي، الذي تم تفريغه من مضمونه المؤسساتي بإسناد رئاسة مجلسه الإداري لرئيس الحكومة، عوض إحداث هيئة مستقلة وفقًا للضوابط الدستورية.

وانتقد الاتحاد الاشتراكي ما اعتبره “هندسة انتخابية موجهة” تهدف إلى فرض الهيمنة والتحكم، من خلال دعم مرشح موحد للأغلبية في الاستحقاقات الجزئية، واستعمال أدوات الدولة ووسائلها لدعم حزبي، ما يعيد البلاد إلى ممارسات سابقة كانت تُنعت بمنطق “الحزب الوحيد بواجهة تعددية صورية”.

واعتبر الحزب أن رفض الحكومة فتح أي حوار جدي حول إصلاح المنظومة الانتخابية أو تعزيز استقلالية الجماعات المنتخبة، يعكس غياب إرادة سياسية حقيقية، ويعمّق أزمة الثقة بين المواطن والمؤسسات، ويهدد الاستقرار المؤسساتي والاجتماعي برمّته. وأضاف التقرير أن الحكومة لا تكتفي بإقصاء المعارضة من الفضاءات التشاورية، بل تعرقل مبادراتها الدستورية، كما حدث مع محاولات تقديم ملتمس رقابة أو تشكيل لجان تقصّي الحقائق، وهي آليات واجهها التحالف الحاكم إما بالتجاهل أو بالعرقلة المباشرة.

وأكد التقرير أن مبادرة الاتحاد الاشتراكي لطرح ملتمس الرقابة، رغم وعي الحزب بالصعوبات العددية داخل مجلس النواب، كانت تهدف إلى تحريك مياه السياسة الراكدة، وبعث رسالة إلى الرأي العام بأن المعارضة ما تزال قادرة على خوض المعارك المؤسساتية من داخل البرلمان، لإعادة الاعتبار للممارسة الديمقراطية والتصدي لتغوّل السلطة التنفيذية.

وفي ختام كلمته، شدد إدريس لشكر على أن مواجهة هذا الوضع المختل يتطلب إصلاحًا سياسيًا ومؤسساتيًا عميقًا يعيد التوازن بين السلط، ويعزز استقلال المؤسسات، ويرسخ دولة القانون. فالمطلوب اليوم، بحسبه، ليس فقط مراجعة المنظومة القانونية والانتخابية، بل إعادة الاعتبار للفعل السياسي الجاد، ومحاصرة النزوع السلطوي المتصاعد، دفاعًا عن الديمقراطية ووفاءً لروح ومكتسبات دستور 2011.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الأحد 18 مايو 2025 - 19:29

الحاجب تحتفي بالذكرى 69 لتأسيس الأمن الوطني

الأحد 18 مايو 2025 - 18:45

شعلة خنيفرة تحتفي بخمسينية الجمعية في ندوة حول الشباب والسؤال الثقافي بمغرب اليوم

الأحد 18 مايو 2025 - 18:21

المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تنتخب مكتبها التنفيذي

الأحد 18 مايو 2025 - 15:51

مهرجان الفيلم المغربي القصير بالجوال يكرّم الفائزين بحضور فني وازن

error: