مشاركة الشبيبة الإتحادية في المجلس الدولي للـ IUSY في كوسوفو: اختراق استراتيجي وفضاء جديد داعم للموقف المغربي

أنوار بريس الأحد 18 مايو 2025 - 15:44 l عدد الزيارات : 25563

أيوب الهاشمي

رغم الصعوبات اللوجستية والإدارية التي واجهت المشاركة في المجلس الدولي للاتحاد الدولي للشبيبة الاشتراكية (IUSY) المنعقد في بريشتينا بكوسوفو، فإن الشبيبة الإتحادية، وفاءً لتقاليدها في الحضور الفعّال داخل أجهزة الـIUSY، استطاعت أن تشارك في أشغال هذا المجلس الدولي.

وبسبب الإكراهات المذكورة، اقتصرت المشاركة على الكاتب العام للشبيبة الإتحادية، الرفيق فادي الوكيلي عسرّاوي، الذي تحمّل مسؤولية جسيمة وقام بعمل استثنائي على مستوى التواصل والضغط والتفاوض مع مختلف الوفود المشاركة.

يُعد الـIUSY من أقدم الفضاءات الدولية المخصصة للشبيبات الاشتراكية والراديكالية، وقد اتخذ هذا التنظيم، تاريخياً، موقفاً داعماً لأطروحة البوليساريو، خاصةً بفعل الدعم التقليدي الذي كانت تحظى به هذه الأطروحة من طرف شبيباتشمال أوروبا وبعض شبيبات أمريكا اللاتينية. وفي هذا السياق، تُعتبر المكاسب السياسية التي راكمتها الشبيبة الإتحادية منذ المؤتمر الأخير المنعقد في بنما تطوراً نوعياً في تموقع الشبيبة المغربية داخل هذه المنظمة.

وقد تمكنت الشبيبة الإتحادية خلال هذا المجلس الدولي من تمرير أربعة مشاريع قرارات، حظيت على التوالي بـ 64، 54، 52 و50 صوتاً مؤيداً، مقابل 14، 22، 16 و22 صوتاً معارضاً. وكان أبرز هذه المشاريع القرار المعنون بـ”من أجل سلام عادل، دائم وذي سيادة في إفريقيا”، والذي تضمّن فقرة صريحة تدعو لاحترام سيادة الدول ووحدتها الترابية على مستوى القارة الإفريقية.

في المقابل، واجهت الشبيبة التابعة للجبهة الانفصالية صعوبات كبيرة في تمرير مشاريع قراراتها العدائية تجاه المغرب، إذ لوحظ تراجع كبير في حجم الدعم الذي كانت تحظى به في السابق. فمبادراتها التي كانت تمرّ في ظروف شبه إجماعية لم تتمكن هذه المرة حتى من الحصول على 50% من الأصوات. كما أن مشروع القرار الذي حمل عنواناً استفزازياً “50 سنة من الاحتلال”، لم يُصادق عليه إلا بعد إدراج تعديلات جوهرية اقترحتها الشبيبة الإتحادية وحلفاؤها، مما خفّف بشكل كبير من حدّة العداء تجاه المغرب. بالموازاة، لم تنجح الشبيبة الانفصالية في إدخال أي تعديل على المشاريع المقترحة من طرف الشبيبة المغربية.

وقد أشار المراقبون إلى الدينامية التي أبانت عنها الشبيبة الإتحادية، بقيادة الكاتب العام فادي الوكيلي أسرّاوي، والذي اضطلع بدور مركزي في تعبئة دعم عدد من الشبيبات، خاصة من أمريكا اللاتينية، وبعض الشبيبات العربية، إلى جانب شبيباتأوروبية، مما أربك حسابات البوليساريو بشكل واضح.

الدينامية اللاتينية: تحوّل استراتيجي لصالح المغرب

حققت الشبيبة الإتحادية اختراقاً ملحوظاً في صفوف شبيبات أمريكا اللاتينية، كما يتضح من خلال الدعم الذي حصلت عليه من بلدان مؤثرة مثل بنما، المكسيك، كولومبيا، جمهورية الدومينيكان وفنزويلا. ويعكس هذا التحول الاستراتيجي في مواقف كانت تُعتبر سابقاً قريبة من الطرح الانفصالي، فعالية الجهود الدبلوماسية والسياسية التي بذلها الحزب وشبيبته في أمريكا اللاتينية، والتي بدأت تؤتي ثمارها في المحافل الدولية.

وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن إقليم كردستان العراق صوّت لصالح المغرب، في حين امتنعت شبيبتا كردستان التركية والإيرانية عن التصويت. أما الشبيباتالأوروبية، لا سيما في شمال وغرب القارة، فقد صوتت في أغلبها لصالح البوليساريو، باستثناء عدد منها اختار الامتناع.

معركة تنظيمية محتدمة داخل الـIUSY

شهد المجلس انتخاب التونسية هند مغيث على رأس رئاسة وأمانة الـIUSY، في سابقة تاريخية داخل هذه المنظمة. وقد اعتُبرت هذه الانتخابات، التي فازت بها بأغلبية واسعة، تتويجاً للاتجاه الجديد الذي بدأت تسلكه الـIUSY، ومن المرتقب أن تهيئ الأجواء لعقد المؤتمر المقبل في مناخ تنظيمي أكثر انسجاماً.

تحليل سياسي للأرقام ومخرجات التصويت: مكاسب رقمية وتحولات رمزية

تشير قراءة دقيقة في مخرجات التصويت إلى أن مشاريع الشبيبة الاتحادية الأربعة حصلت على نسب تصويت مرتفعة تعكس تحولًا نوعيًا في موازين الدعم داخل الاتحاد العالمي للشباب الاشتراكي. فقد حصد المشروع الأهم المتعلق بسيادة الدول في إفريقيا 64 صوتًا مؤيدًا، مقابل 14 صوتًا معارضًا فقط، أي أن ما يزيد عن 82% من الأصوات المدلى بها كانت لصالح الطرح المغربي. أما المشاريع الأخرى، فقد حصلت تباعًا على 54، 52 و50 صوتًا مؤيدًا، مقابل 22، 16 و22 صوتًا معارضًا، مما يعكس ثباتًا نسبيًا في الكتلة الداعمة، وتراجعًا في عدد المعارضين.

في المقابل، لم تستطع شبيبة البوليساريو حشد أكثر من 36 صوتًا لمشروعها الأول – وهو المشروع الأكثر هجومية ضد المغرب – مقابل 26 صوتًا ضد، و16 امتناعًا، ما يعني أن 42 صوتًا (أي ما يقارب 54%) لم تصوت لصالح المشروع، في حين لم يصوت له سوى 46%. أما مشروعهم الثاني، فقد حصل على 40 صوتًا مؤيدًا، وهو رقم قريب من النصف، إلا أن الامتناعات (18 صوتًا) والأصوات المعارضة (18 صوتًا) تؤشر على تآكل قاعدة الدعم، خاصة في صفوف الكتلة التي كانت تقليديًا محسوبة على الطرح الانفصالي.

وعند المقارنة المباشرة، يظهر أن أعلى تصويت حصلت عليه شبيبة البوليساريو (40 صوتًا) هو أقل بـ24 صوتًا من أعلى رقم حصلت عليه الشبيبة الاتحادية (64 صوتًا)، مما يعكس اتساع الفجوة السياسية بين الطرفين داخل هذا التنظيم، للمرة الأولى منذ سنوات.

من جهة أخرى، فإن امتناع 16 صوتًا عن دعم مشروع البوليساريو – في مشروع عنونته بـ”50 سنة من الاحتلال” – يحمل دلالات سياسية عميقة، إذ إن الامتناع في مثل هذه الملفات لا يُفسر بالحياد، بل غالبًا ما يُعبّر عن رفض ضمني أو تحفظ صريح. وعليه، فإن قراءة سياسية معمقة لهذه النتائج تُبرز تقدمًا فعليًا للموقف المغربي في ساحة أممية طالما كانت تُستعمل كمنصة معادية و تؤكد ان مستقبل اليوزي لا يمكن إلا ان يكون لصالح الطرح المغربي .

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الأحد 18 مايو 2025 - 23:37

أرباح شركات المحروقات بالمغرب تتجاوز 80 مليار درهم رغم تراجع أسعار النفط دوليا

الأحد 18 مايو 2025 - 23:11

فاس ..توقيف مشتبه به بحوزته1870 قرص مهلوس بمحطة القطار ويفتح تحقيق قضائي

الأحد 18 مايو 2025 - 22:57

الاتحاد الاشتراكي… حالة انصات لنبض الشعب

الأحد 18 مايو 2025 - 21:15

“أغورا” بخنيفرة تعيد تشكيل مسرحية “أصاد” من نص روسي إلى سرد أمازيغي بعيدا عن الفضاءات المغلقة

error: