الزخنيني: مراجعة المسطرة الجنائية بقيت أسيرة نفس القضايا ومستجداتها مسقفة بغياب ضمانات التفعيل

أنوار التازي الثلاثاء 20 مايو 2025 - 12:31 l عدد الزيارات : 15084

المشروع ليس مجرد تعديل تشريعي، بل هو جواب على تطلع الأمة لبناء منظومة عدالة عادلة وفعالة

أكدت النائبة مليكة الزخنيني باسم الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية في مناقشة مشروع قانون رقم 03.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، أن هذا المشروع ليس مجرد تعديل تشريعي، بل هو جواب على تطلع الأمة لبناء منظومة عدالة عادلة وفعالة، تُؤمن حقوق الجميع، وتحارب الجريمة بكل حزم وصرامة، مع احترام أسمى قيم الكرامة الإنسانية، هو تطلع لتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة وتقويتها، لتعزيز حقوق الدفاع، لضمان نجاعة آليات العدالة الجنائية وتحديثها.

وأوضحت النائبة البرلمانية في مداخلتها باسم الفريق خلال الجلسة العامة التي عقدها مجلس النواب يوم الثلاثاء 20 ماي 2025، أن العدالة الجنائية هي منتهى السياسة الجنائية ومناطها. هذه السياسة التي حاولت الحكومة الاقتراب منها كمفهوم في مشروع القانون هذا، مسجلة تردد وزارة العدل، وهلامية تناولها، وجنوحها للنصوص الخرساء، لم نفهم المراد بالسياسة الجنائية في صورتين؛ ذات الرأسين أو الجناحين: سياسة جنائية تشريعية يسهر رئيس النيابة العامة على تنفيذها تلقائيا بناء على النصوص القانونية الجاري بها العمل، وسياسة جنائية مرتبطة بسياسات عمومية أخرى تضعها الحكومة ويبلغها إليه وزير العدل.

لا يمكن تصور نجاح السياسة الجنائية مع فشل سياسات التعليم والتشغيل والسكن والصحة

وشددت النائبة الاتحادية، أن السياسة الجنائية مرتبطة بشكل وثيق بمجمل السياسات العمومية الأخرى، بل إن نجاح الأولى مشروط بنجاح الثانية، ولا يمكن تصور نجاح السياسة الجنائية مع فشل سياسات التعليم والتشغيل والسكن والصحة وغيرها من السياسات العمومية. مشيرة أن دلائل تعثر السياسة العمومية يصدح بها الواقع وتنطق بها تقارير المجلس الأعلى للسلطة القضائية، رئاسة النيابة العامة، المندوبية العامة للسجون، المجلس الاقتصادي والاجتماعي، المجلس الوطني لحقوق الإنسان. وتقول إن محاكمنا تئن تحت وطأة العدد الصارخ من الملفات، ونِسب الاعتقال الاحتياطي، لا تكاد تضاهيها أفضل نِسب نجاح مما يمكن أن تدعوه، والساكنة السجنية عموما في انفجار، أنواع الجريمة في تزايد ومعدلاتها في ارتفاع، الياقات البيضاء تلتحق بالجريمة بشكل غير مسبوق، اليافعون يسابقون الرشداء على درب الجريمة، السلوكات الإدمانية تجتاح شرائح واسعة، وحالات العود في تزايد، وبالتالي من يتولى تقييم هذه السياسة العمومية وتقويمها، من يرسم طريق العدالة الجنائية؟ تضيف مليكة الزخنيني.

وسجلت النائبة البرلمانية بحضور وزير العدل، أن من غايات السياسة الجنائية تحقيق الردع بما يضمن حماية المجتمع والأفراد، ولا بد لبلوغ ذلك من إقرار المصالح المحمية جنائيا مع كل ضمانات تعزيز الحقوق والحريات، وسيادة حكم القانون، وتعزيز الأمنين القانوني والقضائي، وهو ما يجعلنا نعتبر كل تأخير في مراجعة القانون الجنائي تعطيلا لكل مجهود بذل في مراجعة المسطرة الجنائية. ومن غاياتها أيضا ضمان التوازن بين حقوق الضحايا وحقوق الجناة من خلال تعزيز حقوق الدفاع، مع ما تتطلبه هذه الغايات من ضرورة الموازنة بين التجريم والعقاب من جهة، والوقاية والعلاج من جهة ثانية ، أي مغادرة مربع المقاربة الأمنية المحض للجريمة إلى مقاربة شمولية بنَفسِ حقوقي تستبطن كنه الدولة الاجتماعية في وظيفتها الاجتماعية والتوزيعية الضامنة لحقوق المواطن على مختلف المستويات.

الوقوف عند النقاش الكبير الذي أثاره هذا المشروع بخصوص المادة الثالثة

واعتبرت النائبة البرلمانية باسم الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية، في سياق تنزيل الدولة الاجتماعية كاختيار استراتيجي للبلاد عابر لزمن أو أزمنة الحكومات، وفي سياق البحث المستدام عن بلوغ التنمية، توفر بلادنا على قانون مسطرة جنائية متقدم هو القلب النابض للتنمية لأن العدالة عصب التنمية، والعدالة الجنائية صمام أمان المجتمعات. مضيفة أنه من هذا المنطلق، كان لا بد من الوقوف عند النقاش الكبير الذي أثاره هذا المشروع بخصوص المادة الثالثة، المفتوحة على التأويل ولكن المستبطنة لإشكالين مركزيين كانا محور النقاش غير المعلن عنه في ثنايا هذه المادة:

الإشكال الأول، يتعلق بهشاشة موقع المنتخب إزاء المنظومة الجنائية أو ما يمكن تسميته بيسر الاستهداف الجنائي للمنتخب مع ما يحيل عليه، ونحن على أبواب سنة انتخابية من ضرورة تحصين مهام المنتخبين بما يسمح لهم بالقيام بمهامهم في حدود القوانين الجاري بها العمل وضمن مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، لكن بعيدا عن الاستهداف القانوني والانتقامي من أي جهة كانت؛ وما أكثر هذه الجهات

الإشكال الثاني، يرتبط بالابتزاز الذي ربط تعسفا ببعض مكونات المجتمع المدني، علما أن الأحزاب الوطنية، في التجربة المغربية، عملت على تطوير الحقل الجمعوي في المغرب وخلقت جسورا لعلاقة طبيعية يتكامل فيها السياسي والجمعوي لعضد البناء الديمقراطي في البلاد، هذا المجتمع الذي يشكل أحد لبنات البناء الديمقراطي، والذي خصه المشرع الدستوري بمكانة لا يمكن معها إلا تقوية أدواره ومهامه أيضا في حدود ما سنه القانون، هو القانون الذي يرخص وفقه قطاع حكومي لجمعية لحماية المال العام، ويدين قطاع حكومي آخر قيامها بما يندرج في هذا الإطار. إشكالان يستدعيان تفعيل زر الجرأة الذي تحدث عنه رئيس الحكومة للإجابة عليهما من خلال الوقوف على تصحيح اختلالات الإطار القانوني للانتخابات، والمجتمع المدني، بإجابات صريحة ومواقف واضحة، فلا نطلق يد جمعيات الجود ونغل يد جمعيات أخرى.

وأكدت المتحدثة، في مناقشتها لمشروع قانون المسطرة الجنائية، أن الإقدام  على مراجعة شاملة لأحكام قانون المسطرة الجنائية في معظم مواده، إذ مست ما يزيد على 420 مادة، وإن كان قد أبقى على هندسة مرهقة لهذا القانون، قد كان ضروريا للملاءمة مع التحولات التي طالت مراكز المتدخلين في إنتاج العدالة الجنائية، ولكن بالأساس التحول الذي طال أساليب الجريمة وأنواعها، بل وارتفاع الطلب عليها، وما يتطلبه صون الحقوق الأساسية للأفراد من تدابير ضامنة لمحاكمة عادلة لكل فرد، سواء كان متهمًا أو ضحية وما يستلزمه ذلك من مواءمة أساليب التحقيق الجنائي مع احترام حقوق الإنسان، على ضوء الالتزامات الدولية لبلادنا في هذا الباب.

المراجعة بقيت أسيرة نفس القضايا المطروحة وكانت مستجداتها مسقفة بغياب ضمانات حقيقية للتفعيل

وسجلت، أن هذه المراجعة، ورغم ما بشرت به في “بيان الأسباب” الأقرب للتقرير منه للديباجة بقيت أسيرة نفس القضايا المطروحة، وكانت مستجداتها مسقفة بغياب ضمانات حقيقية للتفعيل لا فيما يتعلق بمستجدات الرقمنة إن كوسيلة للجريمة أو وسيلة لمكافحة الجريمة، وتبسيط المساطر، ولا فيما يتعلق بعوائق نجاعة السياسة الجنائية الحالية.

ومن أمثلة ذلك حسب الزخنيني، الحراسة النظرية والنص على كونه يعدّ تدبيرا استثنائيا لا يمكن اللجوء إليه إلا إذا تعلق الأمر بجناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس وتبين أنه ضروري لواحد أو أكثر من الأسباب التي عددتها المادة 1-66 اعتمادها وهي الأسباب التي يتعذر أن لم نقل يستحيل غياب أحدها. وعقلنة وترشيد اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي بوصفه تدبيرا استثنائيا، وذلك من خلال وضع ضوابط قانونية له، وتقليص مدده، دون تدابير لتفعيل هذا التوصيف الموجود سلفا. وإحداث آلية التسجيل السمعي البصري وقصرها على مرحلة قراءة تصريحات المشتبه فيه المضمنة في المحضر ولحظة توقيعه أو إبصامه عليه أو رفضه في حين أن الحماية يجب أن تغطي كافة عملية الاستجواب، لا فقط عملية قراءة المحضر والتوقيع عليه. وإلزامية حضور الدفاع لعملية الاستماع للمشتبه فيه من طرف الشرطة القضائية وقصره على الأحداث أو الأشخاص في وضعية إعاقة. وتجنيح عدد من القضايا، كصورة من صور التفريد القضائي ، وإلزام المحكمة الابتدائية التي ستبت في الدعوى بالتقيد بهذا التكييف. وتوسيع وعاء الجرائم القابلة للصلح، و تبسيط مسطرة الصلح من خلال تفعيل دور النيابة العامة، والاستغناء عن دور قضاء الحكم في غياب الضمانات التي تحصن العملية من أي استغلال أو تعسف. والإبقاء على العقوبات في متن المسطرة عوض نفلها للقانون الموضوعي.

وخلصت إلى أنه انطلاقا من هذه الامثلة وغيرها جعلت الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية يصوت ضد مشروع القانون هذا.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الثلاثاء 20 مايو 2025 - 20:14

بوريطة.. دعم المغرب للقضية الفلسطينية يجمع بين العمل الدبلوماسي والمبادرات الميدانية لفائدة الشعب الفلسطيني…

الثلاثاء 20 مايو 2025 - 19:51

مهرجان سينما الذاكرة المشتركة يُكرِّم الشيخة سعاد الصباح في دورته الرابعة عشرة بالناظور

الثلاثاء 20 مايو 2025 - 18:49

محاربة الرشوة.. توقيع مذكرة تفاهم بالرباط بين المغرب والكوت ديفوار

الثلاثاء 20 مايو 2025 - 18:47

الأبواب المفتوحة للأمن الوطني.. “شرطة الخيالة”، انخراط قوي من أجل الارتقاء بالأمن السياحي للمملكة‎

error: