الفلاح الصغير… سيد الأرض المنسي

محمد أمين السملالي الخميس 22 مايو 2025 - 16:29 l عدد الزيارات : 19406
في مغرب “السيادة الغذائية”، يبدو أن الفلاح الصغير يؤدي دور “الكومبارس” في مسرحية طويلة، لا نصيبه له فيها من الأضواء إلا عند الحديث عن “التنمية القروية” أو “العدالة المجالية” في نشرات الأخبار الرسمية.
الفلاح الصغير الذي يحرث الأرض، يسقي الزرع بعرقه، ينتج الطعام، ثم يُهمَّشُ في الميزانيات وُينْسى ويُغَيَّبُ في الدعم.
تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أشار بوضوح أن الدولة أنفقت 113 مليار درهم على الفلاحة منذ إطلاق “مخطط المغرب الأخضر”، لكن الفلاح العائلي الصغير لم يحصل سوى على 14.5 مليار منها، أما الباقي، فقد استقر حيث تستقر الثروة عادة… عند الكبار.
الأرقام تفصح أكثر مما تفعل الخطابات:
•70% من الفلاحين يتزاحمون على 25% من الأراضي، ويحصلون على أقل من 30% من القيمة المضافة؛
•بينما 3% فقط من كبار الفلاحين يملكون 16% من الأراضي، ويحصلون على 32% من القيمة المضافة.
هنا لا نتحدث عن توزيع عادل، بل عن هندسة اجتماعية تؤبد الفوارق.
أما في الميدان، فالفلاح الصغير يصارع على جبهات متعددة:
•طرق مهترئة إن وجدت،
•محاصيل تتلف قبل الوصول إلى السوق،
•سماسرة يجنون 70% من الأرباح،
•مناخ جاف، دعم غائب، ومؤسسات لا ترى فيه سوى رقما في الإحصاء السكاني.
وبينما الحكومة تتحدث عن برامج الدعم والإصلاحات، يسأل الفلاح الصغير نفسه:
هل الدعم سيصل إلى من يربي الماعز في الجبل؟
أم سيضيع بين متاهات السياسة ؟
التقرير نفسه يحذر من:
•ضعف التنظيم داخل التعاونيات،
•هيمنة المضاربين على السوق،
•غياب التأطير والمواكبة،
•وغياب رؤية حقيقية للفلاحة العائلية.
لكن رغم كل هذا، يظل الفلاح العائلي واقفا، لأنه ببساطة لا يملك رفاهية السقوط.
يُنتج الطعام، يُحافظ على التربة، ويؤخر زحف المدن على القرى… دون أن يراه أحد.
فإذا كانت الدولة جادة فعلا في تحقيق السيادة الغذائية، فالمطلوب:
•استثمارات عادلة حسب الحاجة،
•تقليص هيمنة الوسطاء،
•دعم فعلي للتعاونيات،
•بنية تحتية حقيقية،
•وزراعات ملائمة للتغيرات المناخية.
السيادة الغذائية لا تبنى في المكاتب، بل تزرع في الحقول.
ولا تحسم في البلاغات، بل في مسار الدعم ومن يستفيد منه.
ومن لا يملك قوته، لا يمكن أن يملك قراره.
الفلاح المغربي الصغير ليس رقما… إنه ذاكرة الأرض  فالفلاحة لا تعد قطاعا اقتصاديا فحسب، بل إنها ذاكرة جماعية تاريخية و وجدانية للمغاربة فحين انقراض الفلاح العائلي، لن نفقد فقط منتجات الأرض، بل سنفقتد هويتنا الزراعية التي صنعت تاريخ مغربنا.
تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الخميس 22 مايو 2025 - 22:28

نحو تِرياق لإنعاش الديمقراطية المختنقة في ظل حكومة متغولة

الخميس 22 مايو 2025 - 22:00

ترامب يمنع جامعة هارفارد من تسجيل الطلبة الأجانب…

الخميس 22 مايو 2025 - 21:15

الباحثون المتضررون من عدم احتساب الأقدمية العامة يخوضون وقفة احتجاجية أمام وزارة التعليم العالي

الخميس 22 مايو 2025 - 21:14

أمن البيضاء يجهض عملية تهريب كمية كبيرة من المخدرات…

error: