بنك المغرب يرصد اضطرابا في الأداء الصناعي رغم استقرار الإنتاج

محمد اليزناسني السبت 7 يونيو 2025 - 21:59 l عدد الزيارات : 13038

كشفت النشرة الأخيرة لبنك المغرب حول الظرفية الصناعية عن مجموعة من المؤشرات المتباينة التي تعكس هشاشة المنظومة الصناعية الوطنية. 

فرغم تسجيل تحسن طفيف في المبيعات واستقرار نسبي في وتيرة الإنتاج، إلا أن معطيات التقرير تسلط الضوء على مؤشرات سلبية مقلقة، تتمثل أساسا في ضعف الطلبيات، وتراجع دفاتر الأوامر، وتناقضات في علاقة الإنتاج بالمبيعات، إلى جانب مناخ عام موسوم بعدم اليقين لدى أرباب المقاولات.

ويبدو أن تراجع الطلبيات يشكل القاسم المشترك بين مختلف الفروع الصناعية تقريبًا. ففي قطاعي النسيج والجلد، وكذلك الصناعات الغذائية، سجلت دفاتر الطلبات مستويات دون المعتاد، وهو ما يُفقد هذه القطاعات، التي تُعد من ركائز الاقتصاد الوطني، زخمها التقليدي على مستوى الطلب. حتى في الصناعات الكيميائية، التي شهدت تحسنًا على مستوى المبيعات، لا تزال دفاتر الطلبيات دون المستوى المرجو، ما يثير تساؤلات حول مصدر هذه المبيعات: هل هي نتيجة تصريف مخزون سابق أم عقود مؤجلة التنفيذ؟

من جهة أخرى، تسجل النشرة تناقضات واضحة بين مؤشرات الإنتاج والمبيعات، أبرزها في قطاع النسيج والجلد، حيث ارتفع الإنتاج مقابل انخفاض المبيعات محليًا ودوليًا، باستثناء فرع الأحذية. هذا التباين قد يعكس خللًا في التوقعات أو ضعفًا في الربط بين حلقات الإنتاج والتسويق. كما أن قطاع الصناعات الكيميائية عرف بدوره تراجعًا في الإنتاج رغم ارتفاع المبيعات، ما يزيد من غموض الرؤية حول فعالية هذا النشاط الصناعي.

ورغم الآفاق الإيجابية التي عبر عنها عدد من أرباب المقاولات بشأن الأشهر الثلاثة المقبلة، فإن أكثر من 20% منهم عبروا عن تخوفهم من مستقبل النشاط الصناعي، وهي نسبة ترتفع إلى 31% في قطاع الصناعات الغذائية، ما يعكس تزايد الشعور بعدم الاستقرار وعدم وضوح الرؤية في محيط الأعمال.

إلى جانب ذلك، تواصل نسبة استغلال الطاقة الإنتاجية الوطنية استقرارها في حدود 79%، وهي نسبة تؤكد أن القدرة الصناعية الوطنية لا تزال دون الحد الأقصى الممكن، مما يعكس محدودية في الطلب أو في التمويل أو في استراتيجيات تطوير السوق.

وبقراءة وتحليل مضمون النشرة، نرى أنها تفضح واقعا مركبا يعيشه القطاع الصناعي المغربي، حيث نلاحظ نوعًا من الانفصال بين حلقات الإنتاج والتوزيع، إلى جانب غياب وضوح في الرؤية الاستثمارية لدى عدد من الفاعلين الصناعيين. الأرقام تظهر أن بعض القطاعات تنتج دون ضمانات على مستوى التسويق، وهو ما يهدد بتضخم في المخزون أو إهدار للقدرات الإنتاجية. كما أن استمرار تراجع الطلبيات يُترجم تراجعًا في الطلب الداخلي وربما تراجعًا في تنافسية بعض المنتجات في الأسواق الخارجية.”

ونعتبر أن الرهان اليوم يجب أن يكون مزدوجا: من جهة، تحفيز السوق الداخلية عبر دعم القدرة الشرائية وتنشيط الطلب؛ ومن جهة ثانية، بناء إستراتيجية صناعية تصديرية أكثر استهدافًا للأسواق الناشئة، مع مواكبة فعالة للمقاولات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل العمود الفقري للنسيج الصناعي المغربي.”

وفي ظل هذه المؤشرات، تبدو الحاجة ملحة لتدخلات عمومية أكثر جرأة، تعيد الثقة للفاعلين الصناعيين وتُهيئ مناخًا استثماريًا قادرًا على تجاوز حالة الترقب وعدم اليقين التي لا تزال تخيم على جزء واسع من القطاع.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

السبت 7 يونيو 2025 - 19:00

لتعزيز الشفافية..فيفا تعتزم استخدام الذكاء الاصطناعي في كأس العالم للأندية…

السبت 7 يونيو 2025 - 18:44

موجز أنباء العالم حتى الساعة السادسة مساءً من يومه السبت 07 يونيو

السبت 7 يونيو 2025 - 18:19

الجزائر تلغي ميناء “الحمدانية” أمام نجاح طنجة المتوسط والناظور…

السبت 7 يونيو 2025 - 13:45

مؤشرات بنك المغرب الأسبوعية تعكس توازنا نقديا وسط طلب مرتفع على السيولة

error: