الحرب تتسع بين إيران وإسرائيل: تصعيد متبادل وهجمات تطال العمقين وسط خسائر فادحة ومخاوف من الانفجار الإقليمي

دخلت المواجهة المفتوحة بين إيران وإسرائيل يومها الثالث، وسط تبادل مكثف للضربات الصاروخية والطائرات المسيّرة، في تصعيد غير مسبوق يضع الشرق الأوسط أمام أخطر أزمة عسكرية منذ عقود، ويفتح الباب على سيناريوهات شديدة التعقيد، سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا.

فجر اليوم الأحد، أعلنت إيران تنفيذ موجة جديدة من الهجمات على أهداف إسرائيلية باستخدام صواريخ باليستية دقيقة وطائرات بدون طيار، فيما أطلق عليها الحرس الثوري اسم “عملية الوعد الصادق 3”.

وأكدت طهران أن الضربات طالت منشآت للطاقة ومنشآت لإنتاج وقود الطائرات المقاتلة داخل إسرائيل، في رد مباشر على الضربات الإسرائيلية التي استهدفت منشآت نووية وعسكرية إيرانية خلال اليومين الماضيين.

وأشار بيان للحرس الثوري إلى استخدام الصاروخ الباليستي “الحاج قاسم”، المصمم للعمل التكتيكي عالي الدقة، في استهداف منشآت استراتيجية، من بينها معهد وايزمان للعلوم في رحوفوت، ومنشآت في بات يام، جنوبي تل أبيب.

وأكدت الشرطة الإسرائيلية أن الدمار في بات يام “كبير”، وسط انقطاع للكهرباء وتوقف بعض الخدمات الحيوية. في حين كشفت تقديرات رسمية، أوردتها صحيفة “يديعوت أحرونوت”، عن وجود نحو 35 شخصًا في عداد المفقودين تحت أنقاض أحد المباني التي دمّرها القصف الإيراني.

وأفادت خدمة الإسعاف الإسرائيلية “نجمة داوود الحمراء” بسقوط ما لا يقل عن 8 قتلى، من بينهم طفل في العاشرة من عمره، بالإضافة إلى أكثر من 200 جريح في الهجمات الإيرانية، التي تركزت في وسط إسرائيل ومنطقة الشفيلة، وامتدت أيضًا إلى حيفا والجليل الغربي.

وفي المقابل، أعلنت إسرائيل تنفيذ سلسلة غارات جوية مكثفة فجر اليوم على العاصمة الإيرانية طهران ومحيطها، استهدفت مواقع قالت إنها مرتبطة مباشرة بالبنية التحتية للمشروع النووي الإيراني.

وجاء في بيان صادر عن الجيش الإسرائيلي أن الضربات نُفذت حوالي الساعة 2:40 صباحًا، وشملت مقر وزارة الدفاع الإيرانية، ومراكز أبحاث تابعة لمنظمة الابتكار والبحوث الدفاعية، ومستودعات للوقود العسكري.

وبحسب مراسلي وكالات أنباء دولية، دوّت انفجارات ضخمة في العاصمة الإيرانية، مترافقة مع اندلاع حرائق كبيرة، لا سيما في مستودعات الوقود المستهدفة.

وتسببت تلك الضربات في رفع أسعار النفط عالميًا بنسبة ناهزت 9% يوم الجمعة، وسط تنامي المخاوف من اضطراب الإمدادات في الخليج والمنطقة.

ويُشار إلى أن شرارة هذه الحرب المباغتة اندلعت فجر الجمعة الماضي، عندما شنّت إسرائيل سلسلة غارات خاطفة على منشآت نووية وعسكرية إيرانية، أسفرت – بحسب مصادر رسمية في طهران – عن مقتل رئيس هيئة الأركان الإيراني الجنرال محمد باقري، وقائد الحرس الثوري حسين إسلامي، إضافة إلى اغتيال تسعة من كبار علماء الذرة، وتدمير منشآت حساسة في نطنز وأصفهان وفوردو.

تزامن هذا التصعيد مع استعداد طهران للدخول في جولة سادسة من المفاوضات النووية مع واشنطن، كانت مقررة اليوم الأحد في العاصمة العمانية مسقط، ما دفع مراقبين إلى التحذير من انهيار المسار الدبلوماسي، وانزلاق الوضع إلى حرب شاملة قد تمتد إلى أطراف إقليمية أخرى.

وتواصل دول غربية وعربية إطلاق دعوات لوقف فوري للتصعيد وتهدئة الوضع، وسط صمت رسمي من واشنطن التي تراقب التطورات عن كثب.

ويبقى السؤال معلقًا: هل ما يحدث هو مجرد جولة محدودة من الردع المتبادل، أم أن المنطقة تدخل طورًا جديدًا من الصراع المفتوح قد يعيد رسم توازناتها لعقود قادمة؟