في الوقت الذي طرح الجميع، مباشرة بعد اتفاق وقف إطلاق النار، السؤال الذي لا بد منه: والآن، ماذا بعد؟
كان الاتحاد الاشتراكي سباقا، من خلال بلاغ مكتبه السياسي أو من خلال تصريحات كاتبه الأول، إلى تقديم جواب، يليق بتاريخه وبالتزامه وبمستوى انخراطه في دعم ومساندة القضية الفلسطينية.
لم ينجرّ الاتحاد، قيادة وقواعد، إلى سجن نفسه في تفاصيل ما يقع، حتى لا يفقد البوصلة، وحتى لا يضيع معها حقيقة المشكلة الأصلية. بل وجَّه مجهوده ومواقفه إلى ما يجب القيام به للدفاع عن القضية المركزية، قضية فلسطين، ومتابعة حضورها في الأجندة الإقليمية والدولية التي ستترتب عن ما بعد نهاية المواجهة بين إيران وإسرائيل .
أولا كان منبع ذلك، هو أن الاتحاد يعتبر القضية الفلسطينية هي أم القضايا، وهي التي قامت باسمها كل المواجهات، وانْبنت عليها كل الحسابات وكل المقاومات، بالتالي لا يرى الاتحاد أن من الممكن أن تحل النزاعات الظرفية بدون أن يكون لذلك ارتباط وثيق مع القضية المركزية، وأن تأجيل الحل بهذا الخصوص، هو موعد آخر مع النزاع والمواجهات والارتهان إلى منطق الصراع مهما طال أمده أو تأخر موعده.
ثانيا، يعتبر الاتحاد أن كل ترتيب يغيّب هذه القضية، يكون موضوعيا ترتيبا لتصفيتها، وعليه فهو يرى بأن المجهود يجب أن ينصب، لكي تبقى القضية حية في التداول العلمي، كما هي حية في الميدان وبفعل نضال الشعب الفلسطيني بكل مكوناته، هو التركيز على أنه لا بد من توحيد صفها وكلمتها لتحصين قرارها الوطني، والدفاع عن حق شعبها في دولته المستقلة.
ومن ناحية ثانية، وضع الاتحاد لنفسه خطوة عمل، آنية ومستعجلة، يتحرك على ضوئها في مجالاته الحيوية، إقليميا وقاريا ودوليا، لكي يبادر بالحركة والتحْسيس، في صفوف القوى التقدمية واليسارية
والديمقراطية والمحبة للسلام. وهو في ذلك يتعامل بموضوعية وبأخلاق إنسانية، ويتجاوب مع إرادات عبرت عنها القوى الفلسطينية التي تربطه معها وحدة النضال من أجل الحرية والاستقلال.
و يلتمس الاتحاد في الوقت ذاته من الدولة المغربية أن تبادر إلى توفير شروط واقعية ومتوافق حولها من أجل إطلاق مبادرات لاستئناف المسلسل السياسي والخروج من حالة الانسداد غير المسبوقة التي تعيشها القضية، مع ما يصاحب ذلك من تنكيل وتقتيل وإبادة يتعرض لها شعب فلسطين تحت أنظار. العالم
إن الاتحاد إذ يعبر عن هذا المطلب، فهو يدرك، بقوة، الحضور المغربي في تاريخ وحاضر ومستقبل القضية، كما أنه يدرك الالتزام المتجرد، بدون أية أجندة خاصة به، للمغرب، ملكا وشعبا، لنصرة الشعب الفلسطيني،كما يعلم بفعل تواصله اليومي مع القوى الفاعلة في الصف الفلسطيني أنها تعقد آمالا كبيرا على بلادنا من أجل العمل على تغذية الأمل نفسه، وإنضاج الشروط السياسية لديبلوماسية السلام، بما يخدم كل الأطراف، والتي تربطه بها علاقة قائمة على المصداقية والرأي الواضح والانحياز اللا مشروط للسلام، غايةً ووسيلةً في الوقت نفسه.
تعليقات
0