بنكيران ووصية “عدم العمل مع المخزن”: نفاق سياسي أم عقدة سلطوية؟

محمد الحاجي الإثنين 7 يوليو 2025 - 21:36 l عدد الزيارات : 13867

في تصريح لا يخلو من الوقاحة السياسية، خرج علينا عبد الإله بنكيران قائلاً إن والديه أوصياه بعدم العمل في “المخزن”. ولولا أننا نعرف جيداً أن بنكيران نفسه جلس على رأس الحكومة المغربية، وأدى القسم أمام الملك، لقلنا إننا نستمع إلى معارض منفي أو ناشط يساري قديم، لا إلى رجل قضى سنوات في صلب المؤسسة التي يطعن فيها الآن.

ما الذي يريده بنكيران من هذا الكلام؟ أن يُظهر نفسه كمن “تجاوز الوصية” من أجل خدمة الوطن؟ أم كمن تم “تلويثه” من قبل المخزن وخرج منه يتبرأ؟ في كلا الحالتين، هو يناقض نفسه، ويطعن في مؤسسة دستورية كبرى من داخلها ومن بعدها، دون أن يملك شجاعة الاستقالة يوم كان في مركز القرار.

و حين تتحدث عن “المخزن” في المغرب، فأنت لا تتحدث عن إدارة أو موظفين، بل عن جهاز سيادي تتجلى قمته في المؤسسة الملكية. وإذا كنت ترى أن “المخزن” مكان مشبوه أو “ممنوع” أخلاقياً، أو كما سأله الشيخ الفيزازي متعجبا و ردا على كلام المخزني السابق عبد الاله بنكيران “هل المخزن جمل أجرب أو ظالم لا ينبغي التقرب منه أو الاشتغال معه ولا احترام ولا شرف له”، فأنت عملياً تطعن في شرعية النظام الذي عيّنك رئيساً لحكومته. فهل بنكيران بهذا التصريح يقلل الاحترام من الملك؟ وهل من اللائق برجل دولة أن يستعمل قاموس الحواريين للهجوم على مؤسسات كانت مصدر شرعيته وسلطته؟

ولعل الطامة الكبرى أن بنكيران، في المقابل، لا يجد حرجاً في الدفاع عن إيران في خرجاته: وامتداح نظامها، وتبرير أفعالها في المنطقة، بينما يلمّح بالسوء إلى وطنه ومؤسساته. فهل نحن أمام ولاء وطني حقيقي، أم أمام رجل يحمل مرجعية عقائدية خارجية، يجاملها ويطعن في من منحوه الثقة يوماً؟ بنكيران يبدو في كثير من الأحيان أكثر انسجاماً مع خطاب “الولي الفقيه” من خطاب الملك الذي منحه شرف قيادة حكومة المغرب.

ما يفعله بنكيران اليوم ليس سوى محاولة يائسة للعودة إلى الأضواء. لكنه، وهو يظن نفسه في قمة الصراحة، لا يدري أنه يُسقط ما تبقى من صورته. فالشعب لا يُخدع طويلاً، ولا يحترم من يعضّ اليد التي صافحته، ولا من يتلوّن بين وصية الأهل وأمر الملك و هذا ما صرح به علنا “أريد النجاح في انتخابات 2026 لأقود الحكومة؟؟؟؟؟؟
إن كان بنكيران يرى “المخزن” عاراً، فليعلن أنه نادم على منصبه السابق. وإن كان يراه شرفاً، فليكفّ عن الازدواجية واللعب بالنار. أما أن يتحول إلى مهاجم دائم للمؤسسات، بحجة “الانتقاد الصادق”، فهو لا يفعل أكثر من حرق أوراقه بنفسه، والتقرب من تيارات خارجية لا تشبهنا في شيء.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الثلاثاء 8 يوليو 2025 - 09:18

وزير الشؤون الخارجية الألماني الجديد يشيد بالتعاون الوثيق بين برلين والرباط

الإثنين 7 يوليو 2025 - 00:08

مؤتمر الاتحاد الاشتراكي بسطات: انبعاث جديد و دينامية تنظيمية قوية من أجل تنمية مجالية منصفة والتحضير للمرحلة المقبلة

الأحد 6 يوليو 2025 - 20:42

بناء حزب الغد…

الأحد 6 يوليو 2025 - 18:59

انتخاب رشيد البهلول كاتبا إقليميا لحزب الاتحاد الاشتراكي بسطات

error: