أيوب السعود
مع بداية كل موسم صيفي، يعود إلى الواجهة نقاش مجتمعي مثير في شمال المغرب، يتمحور حول الانتماء الترابي لعدد من الشواطئ الواقعة ضمن النفوذ الإداري لعمالة المضيق–الفنيدق، من بينها مرتيل، كابو نيغرو، بليونش، والريفيين. إذ يعترض عدد من سكان هذه المناطق على نسب هذه الشواطئ إلى مدينة تطوان، سواء من خلال التغطيات الإعلامية أو المواد الترويجية والسياحية المنشورة عبر وسائل التواصل والمنصات الإعلامية.
ورغم أن التقسيم الإداري واضح ويمنح هذه المناطق وضعًا خاصًا داخل عمالة المضيق–الفنيدق، إلا أن الإشارة المتكررة إلى تبعيتها لمدينة تطوان تُثير انزعاج شريحة من الساكنة المحلية التي ترى في ذلك تقزيماً لهويتها وطمسًا لخصوصيتها الجغرافية والاجتماعية.
وبينما يعتبر البعض هذا الربط عادياً، بالنظر إلى المكانة التاريخية والحضرية التي تحتلها تطوان في الإقليم، وما تملكه من رمزية سياحية وتسويقية، يرى آخرون أن هذا التبرير لا يبرر تكرار الإغفال الإداري في التسميات والإشارات، خاصة أن الأمر بات يتجاوز التوصيفات السياحية إلى ما يشبه “محوًا ناعماً” لخصوصية ترابية قائمة بذاتها.
الجدل لا يقتصر على الفضاء الافتراضي، بل امتد إلى الواقع الميداني، حيث تتحول أحياناً بعض النقاشات العابرة بين المواطنين في الأماكن العامة إلى مشادات كلامية، تعكس مستوى الحساسية المرتبطة بالهوية والانتماء المحلي في هذه المناطق.
وتؤكد هذه التفاعلات المتكررة، كل صيف، أن النقاش حول الهوية المجالية لم يعد مسألة شكلية أو هامشية، بل أصبح مدخلاً لفهم أعمق للتحولات التي تعرفها العلاقة بين المراكز الحضرية والمناطق المجاورة، في ظل تصاعد الوعي المجتمعي بالحكامة المحلية وبالعدالة المجالية في التمثيل والتنمية والاعتراف الرمزي.
في ظل هذا الوضع، يبدو أن المطلوب اليوم هو مقاربة أكثر توازناً من قبل مختلف الفاعلين، إعلاميين ومؤسساتيين، تأخذ بعين الاعتبار التقسيم الإداري الحقيقي، وتحترم خصوصيات كل منطقة، دون الوقوع في التنميط أو التجاهل، ضماناً لتكامل ترابي سليم يعزّز الانتماء دون إقصاء، ويصون الذاكرة المحلية دون تضخيم الانتماءات الرمزية.
تعليقات
0