عفوا السادة الوزراء… جل أجوبتكم خاطئة..!
و لمن قال العكس فليتابع جلسات الأسئلة الشفوية في البرلمان…
محمد رامي
لايمكن القول بأن جلسة الأسئلة الشفوية بالبرلمان المغربي بغرفتيه عديمة الفائدة، وبالتالي يتوجب التخلي عن هذا التقليد الديمقراطي الذي يتيح لنواب الأمة مراقبة عمل الحكومة، وإثارة انتباهها إلى أمور قد تغيب عنها أو أحداث وحالات تقع في مناطق نائية في البلاد أو على امتدادها.
جلسة الأسئلة الشفوية عندنا ومن دون الدخول في حديث عقيم حول كيفية استغلالها من طرف بعض السادة النواب والمستشارين، والذين يطرحون أسئلة أقل مايمكن أن يقال عنها إنها فارغة من كل محتوى، اللهم رغبة طارح السؤال في الظهور على شاشة التلفاز إن كانت الجلسة تبث مباشرة على الهواء، أو الوفاء بوعد قدمه لشخص ما أو مجموعة ما بطرح الموضوع على سيادة الوزير!
سأتحدث هنا عن أجوبة بعض السادة الوزراء، الأجوبة التي لاتخرج عن إطار «المناورة» أحيانا كثيرة من دون ملامسة عمق المشكل المضمن في السؤال، ولسان حال الوزير يقول لطارح السؤال « فوتني عليك، سولتيني وبنتي في التلفزة كا تهضر، راني جاوبتك باللي كاين إيوا طلق مني.. »!
هنا يتدخل المعني بالسؤال والذي قد يكون فردا أو مجموعة أفراد أو جماعة أو حتى ساكنة مدينة بأكملها وليس لهم حق التعقيب، فيقولون مخاطبين السيد الوزير، «الجواب خطأ.. »!
ترى لماذا أخطأ السيد الوزير الإجابة؟
أ لكونه لم يراجع ما دونه له مستشاروه من كلام اعتبروه إجابة عن السؤال؟
لا أظن ذلك، فسيادة الوزير يمسك بورقة صيغ فيها الجواب وهو يقوم فقط بتلاوتها أحيانا كثيرة، إذن السيد الوزير استظهر ما كتب له..جميل، فلماذا أخطأ إذن ؟
بكل بساطة لأن من صاغ له الجواب تعمد عن قصد أو غير قصد أن يخطئ الوزير، وهنا ندلي بالمسار الذي يقطعه جواب السيد الوزير منذ لحظة طرح السؤال.
إذا كان السؤال يهم قطاعا ما في إحدى المصالح التابعة لوزارته مركزيا أو جهويا وإقليميا في، فتتم العملية على الشكل التالي: يتسلم مكتب السيد الوزير السؤال، ترسل نسخة منه إلى المصلحة المختصة بالوزارة، والتي تحيل نسخة منه بدورها على المديرية المركزية المعنية بموضوع السؤال والتي تتصل بالمسؤول الجهوي والذي يتصل بدوره بالمسؤول المحلي ويطلب منه إيضاحات في شأن السؤال، وفي حالات كثيرة ترسل له هو أيضا نسخة من السؤال..
هنا بيت القصيد، فالسؤال أصلا يتناول موضوعا، هذا المسؤول هو أصلا طرفا فيه إن بالشطط أو بالتهاون ، وبطبيعة الحال، فإن المسؤول سيجيب بما يرى أنه سيبرئ ذمته، وهنا سيكون الوزير بجوابه هذ قد تحول فقط إلى ناطق رسمي باسم المسؤول المعني بالسؤال.. يدافع عنه وفي أقصى الحالات يعد بمتابعة الأمر ، وهو مالايتم في حالات كثيرة، ولكم في أرشيف الأسئلة الكتابية والشفوية بالمجلسين دليل على قولي هذا.
وأحيانا كثيرة يكون موضوع السؤال قطاع وزاري برمته ، وهنا يتسع هامش المناورة للإلتفاف على السؤال ويدخل الوزير في سرد المنجزات والدفاع عن قطاعه بشكل مستميت..
الغريب في الأمر أن حتى التعقيب على جواب السيد الوزير يكون في أحيان كثيرة مرقونا لدى طارح السؤال وكأنه كان يدرك مسبقا طبيعة الرد!
بطبيعة الحال نحن لا نعمم ، فهناك أسئلة تبنى على وقائع ملموسة يصرح من طرحها على متابعة مسارها إلى أن تحقق المبتغى من وراءها إلا أنها تبقى محدودة من حيث عددها ولمن قال العكس فليتابع جلسات الأسئلة الشفوية في البرلمان…
إشارة لابد منها
مـن بيـن الـوزارات الخمـس الأكثـر توصـلا بالأسـئلة، تحتـل وزارة الصحـة المرتبـة الأولـى مـن حيـث نسـبة الـرد علـى الأسـئلة التـي وردت عليهـا، بمعـدل يناهـز56% تليهـا وزارة التجهيـز والمـاء بنسـبة بلغـت 54 %، ثم وزارة التعليـم بنسـبة 52%، ثم وزارة الداخليـة بنسـبة 46%. في المقابل فــإن وزارة الفلاحــة، وعلــى الرغــم مــن كونهــا واحــدة مــن أكثــر خمــس وزارات توصــلا بالأسـئلة، فـإن معـدل إدلائهـا بالأجوبـة يبقى ضعيفا إذ لا يتعـدى 38%.