من هذا الذي لا أعداء له.. تأكد فقط من أن عدوك يرقى ليكون عدوك…

113٬748

يسرا سراج الدين

عندما نتحدث عن الأعداء فنحن هنا لا نتحدث عن أعداء الوطن أو من يجمعنا بهم تاريخ من العداوة والصراعات سواء سياسية كانت أم ثقافية أوحتى من نختلف معهم في المرجعيات والإيديولوجيات، لأن أعداء هذه الخانة قد لا تنعكس علينا عداوتهم كأفراد لا سلبا ولا إيجابا “اللهم” في حالات معينة ونادرة، لأن أعداء الواقع هم من يلتفون حولك ويوجدون ضمن محيطك سواء الشخصي أو المهني وحتى خارجهما أحيانا ممن تكون علاقتنا بهم سطحية إلا أنهم اختارو أن يُكِنُّوا لنا العداء، ولا ننسى أننا أيضا بطريقة أو بأخرى أعداء لآخرين، ولأن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه فلا مفر من الإحتكاك بسلبيات الغير وإيجابياته.

من هذا الذي لا أعداء له ؟ ربما يُعدون على رؤوس الأصابع وحتى تلك الفئة التي تجدها منغلقة على محيطها الصغير جدا قد لا تسلم من العداء غير المباشر وغير الظاهر لأن طبيعة الإختلاف بين الاشخاص في كثير من الاحيان ما تُنجب ذلك الخلاف الذي يتحول بفعل سموم النفوس وشرورها إلى عداء خاصة لدى من يترك باب الحقد أو الغضب والكره مفتوحا لتتسلل إليه ألسنة لهب ذلك الشعور المشحون بالعداء، ذلك لأننا دائما ما نتعامل مع مجموعة من المصالح المتنافسة شئنا أم أبينا، وإن كنا مقتنعين بأننا في غنى من أن نحاط بالكراهية والأعداء.

وان كانت العداوة بصفة عامة شيئا مكروها إلا أنها قد تأخذ اتجاهين، المنحى المحمود والمذموم، قد لا تستقيم لديك كلمة محمود عندما تربطها بالعداء إلا أنك تجد تفسيرا لها عندما يكون ذلك العداء محركا للسير قدما وحافزا لتطوير الذات، إذ أن هنالك أعداء يخلقون لديك روح التنافسية والعزيمة على الاستمرار سيرا نحو الافضل والإنتباه للأمور الصغيرة قبل الكبيرة وتقل معهم فرصة وقوعك في الخطأ لأنك تبحث وراء أخطائك قبل أن يقوموا هم بذلك وتصبح محصنا بشكل شبه كامل ضد الاستفزاز ومتحكما في غضبك وأن لا تكون شفافا بالقدر الذي يجعلك مكشوفا لهم أو حتى هشا كالإسفنجة تمتص بسهولة الطاقة المسمومة المحيطة بك، وقد تحظى مع الوقت بملكة التواصل السلس التي تشيد لك جسرا تعبر بواسطته إلى أفكار الآخرين لكي تحد من دائرة أعداءك ولما لا لتصلح ما فسد مع أعداءك أنفسهم، ولن يتحقق كل هذا إلا إذا كان ذلك العداء ينعكس عليك بشكل إيجابي وتكون معه ذلك الشخص المرن الذي ينطبق عليك مقولة “كثرة الاعداء دليل على النجاح” لأن بتحويل أعداءك إلى منافسين أقوياء فإنك هنا تزيد من نجاحك وصلابتك بقوتهم.

“عدو عاقل خير من صديق جاهل” من هذه المقولة يمكننا البدء بالحديث عن الجانب المذموم للعداء لأنه من الخطير أن تكون محاطا بما يسمى “الأصدقاء الأعداء” الذين يشكلون ضررا أكبر من غيرهم ممن ينتابنا اتجاههم شعور بالكراهية أو الخطر، لأن لهم تأثير سلبي على صحتنا النفسية وقد ينتظر البعض منهم الفرصة لكي يظهر لك أنيابه التي كانت ابتسامة فيما قبل لإن الضغينة والحقد تزرع العداوة في القلب وتتربص لفرصتها، حتى الوطن لم يسلم من الأصدقاء الأعداء ومنهم من يفترش أرضه وتغطيه سمائه وينتمي له، وإذ استرسلنا في الحديث عن العداء المكروه فإن من ألعن صفات العدو، ذلك الخبث الذي يخفي في ثناياه أذى وضررا للغير ويسعى لجعلك صيدا سهلا لضغينته ونقصه عبر محاولات كثيرة وطرق مختلفة تكون مباشرة أو غير مباشرة خفية ومُعلنة حقيقية ومفبركة وهنا قد ينجح هذا العدو في مساعيه إذا توفرت لديك الصفات التي تخلق له بيئة جيدة للعمل على إفشالك والإيقاع بك، ولأن العداء أمر واقع ولإن الخبث فيه أمر محتمل، يجب أن تتجنب تلك الصفات وأن لا تكون متنفسا للمتنمرين والناقصين عبر شخصيتك الضعيفة أو الغضب المفرط لكي لا تكون ضحية إنفعالاتك وإن كنت على حق، وأن تكون قادرا على خلق الإيجابية والتركيز بالأمور الجيدة والتأكد من أنك لا تهدر طاقتك في اتجاهات كثيرة لأنهم يهدفون إلى تشويشك ولفت انتباهك لقضايا فرعية، مما يؤثر على كفاءتك في العمل على ما هو أساسي، والأهم أن تتأكد من أن أعداءك يرقون إلى تلك المرتبة لأن هنالك من لا يرقى إلى أن يكون عدوك لأن هذه الكلمة تحمل قدرا من الندية فإن لم يكونوا كذلك فزيادة تجاهلهم هي الأنسب.

error: