اللغز المالي لملف المحروقات الذي سيتحول إلى فضيحة سياسية

حركة ضمير» تستنكر سكوت رئيس الحكومة عن الملف

89٬517

اعتبرت «حركة ضمير» أن آثار تحرير قطاع المحروقات، في دجنبر 2015، في عهد حكومة بنكيران، كانت كارثية على القدرة الشرائية للمواطنين وعلى القدرة التنافسية للمقاولات الصغيرة والمتوسطة، حتى وإن مكن من تخفيف الضغط على صندوق المقاصة وتقليص عجز الميزانية.

وأوضحت الحركة ـ في رسالة مفتوحة وجهتها إلى رئيس الحكومة – أن عدم وجود تدابير الدعم، من خلال المساعدات المباشرة للأسر الأكثر هشاشة، وغياب تقنين السوق، حيث كان مجلس المنافسة غير فاعل آنذاك، فتحَ الطريق أمام ممارسات مضرة منتهكة لقانون حرية الأسعار والمنافسة. وهو ما أقر به في النهاية الفاعلون الرئيسيون في قطاع النفط، بعد ما سبق أن نفوه مرارا. والحال، أن هذا الاعتراف تم في ظل منظومة تشريعية يسهل اختراقها، تسمح ب “الصفقة الودية”، حسب المصطلح المستخدم من قبل مجلس المنافسة، أو بالأحرى، وبعبارة ملطفة، بترتيب موات للغاية لمرتكبي جناية الممارسات المضادة للمنافسة.

وأشارت الرسالة إلى أنه على إثر الاختلالات الداخلية التي شهدها مجلس المنافسة شهر يوليو 2020 وتقديم تقرير التدقيق أو التفتيش من قبل اللجنة المخصصة المكلفة بالتحقيق في هذه الاختلالات، أعطى جلالة الملك توجيهاته السامية لحكومة العثماني لإجراء إصلاح عميق لقانون المنافسة. “لكن وأمام مسلسل المماطلة في هذا الشأن، فإن حكومتكم هي التي ورثت هذا الملف، وقامت وبدون إجراء التنحي، باستصدار قانونين غير مكتملين من قبل أغلبية برلمانية مريحة.”.
وعددت حركة ضمير أوجه القصور وخيمة العواقب في هذين القانونين مثل الحد من علنية قرارات المجلس بحيث لا يتم الكشف عن “الأسرار التجارية”، والعقوبات الجنائية ضد أعضاء المجلس الذين يكشفون محتوى المداولات، والسلطة غير المتناسبة الممنوحة للمقرر العام ليقترح على المجلس غرامات دون أي قيود أو تخفيض جذري في أساس حساب رقم المعاملات المستخدم لتحديد العقوبة. ولولا هذه العيوب التشريعية، كان من الممكن أن تكون غرامة المعاملات المتواضعة التي بلغت 1.84 مليار درهم، في مستوى مختلف تماما وكان من الممكن أن تضمن إيرادات استثنائية لماليتنا العمومية. وذكرت الحركة، في هذا الصدد، أن اللجنة الاستطلاعية البرلمانية حول المحروقات، التي قدمت تقريرها في ماي 2018، قدرت الأرباح غير المشروعة للقطاع بنحو 17 مليار درهم على مدار عامين ماليين فقط، وهو مبلغ يصل إلى ما يقارب 60 مليار درهم مع نهاية 2023 حسب تقديرات الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول لاسمير .

وفضحت الحركة الرفض الصريح لرئيس الحكومة بتحديد سقف لأسعار وهوامش أرباح المحروقات وقالت “تتوفرون اليوم، كما كان بالأمس، السيد رئيس الحكومة، على أدوات تشريعية تسمح لكم بالتدخل بسرعة لوضع حد للاضطراب المسجل في قطاع المحروقات. لكن التاريخ سيسجل بأنكم رفضتم، سواء خلال الولاية التشريعية السابقة في ظل حكومة العثماني أو في ظل الحكومة الحالية مع حكومتكم، رفضتم دعم قانونين اقترحتهما أحزاب سياسية، أحدها يشارك اليوم في أغلبيتكم الحكومية. وهو مقترح قانون يتيح تحديد سقف لأسعار وهوامش أرباح المحروقات لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد، بموجب أحكام المادة 4 من قانون حرية الأسعار والمنافسة، ومشروع قانون آخر يهدف إلى نقل أصول مصفاة “لاسمير ” إلى الدولة لتمهيد الطريق لاستئناف نشاط تكرير النفط في المغرب. لكن إصراركم على منع هذه المبادرة البرلمانية المزدوجة، رغم أنها في صالح القدرة الشرائية للمواطنين ولتنافسية المقاولات، هو إصرار يتناقض بشكل أساسي مع مفهوم المصلحة العامة التي يفرضها عليكم المنصب الذي تشغلونه. كما أننا لا نفهم لماذا ظل الترخيص الذي منحته المحكمة التجارية بالدار البيضاء في مايو 2020 لحكومة العثماني لتأجير صهاريج تخزين “لاسمير “، ظل حبرا على ورق بسبب تقاعس هذه الحكومة. ”
وأضافت الرسالة “كان من الممكن أن يسمح لنا هذا الإيجار بتوفير مخزون يزيد على مليوني طن من النفط المكرر بسعر منخفض بشكل استثنائي في حدود 20 دولارا للبرميل من النفط الخام، لكن المكتب الوطني للمحروقات والمناجم الذي كان مكلفا بالتوقيع على عقد الإيجار لصالح الدولة لم يقم بذلك، مما دفع المحكمة التجارية المذكورة إلى إلغاء الترخيص في مايو 2021 ومن ثم منحه (في مايو 2023) لشركة خاصة مزدهرة الآن في سوق المحروقات. وهل من الضروري، هنا أيضا، أن نذكركم، السيد رئيس الحكومة، بأن المكتب الوطني للمحروقات والمناجم ترأسه عضوة بارزة في المكتب السياسي لحزبكم، وهي أيضا وزيرة سابقة للطاقة “.
واستنكرت الحركة في رسالتها امتناع رئيس الحكومة عن التدخل في بعض الجوانب الأساسية في هذا الملف، في حين أن المهمة العامة تتطلب منه إعطاء توجيهات واضحة لوزارة الاقتصاد والمالية من أجل القيام بخطوات للتقصي. وذلك في إشارة إلى الرأي الصادر عن مجلس المنافسة، بتاريخ 31 غشت 2022، بشأن الإحالة الذاتية المتعلقة بأسعار المحروقات، والذي تضمن عدة مناطق رمادية مسكوت عنها. وكان من مسؤولية الحكومة إماطة اللثام عن عناصر الغموض هذه، عن طريق إرسال بعثات تدقيق حسابات من قبل الهيئات المختصة في الإدارة العليا، وبالخصوص من قبل المديرية العامة للضرائب وإدارة الجمارك ومكتب الصرف. وقالت الرسالة “يبقى السؤال الأساسي الذي لم يجب عنه رأي مجلس المنافسة المذكور أعلاه، معلقا، وبالتالي، يعود لحكومتكم أمر تنوير ممثلي الأمة والرأي العام بهذا الخصوص: كيف لهامش الاستيراد الخام عند فاعلٍ بسيط – هو وينكسو – 0.83 درهم لكل لتر من الغازوال، و 1.18 درهم لكل لتر بنزين في 2019 ( أن يكون أعلى من هامش عملاق القطاع (إفريقيا على التوالي 0,58 و 0.83 درهم) ؟ وفي غياب رد إداري محايد وشفاف على :SMDC الشركة المغربية لتوزيع الوقود السؤال المطروح، فإن خطر تحول هذا اللغز المالي إلى فضيحة سياسية لم يعد ضربا من الخيال .”

عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

error: