أفاد تقرير صادر عن البنك الأوروبي للاستثمار بعنوان “مالية إفريقيا 2023” أن الأسر المغربية سجلت ثاني أعلى نسبة مديونية في القارة الإفريقية بعد جنوب إفريقيا، حيث بلغت نسبة المديونية حوالي 30% من الناتج الداخلي الخام. يعكس هذا المستوى المرتفع من المديونية اعتماد الأسر المغربية المتزايد على الائتمان لتلبية احتياجاتها، في ظل توافر القروض الاستهلاكية وتسهيلات التمويل المتاحة.
ويؤكد التقرير أن هذا الاعتماد المتزايد على القروض يجعل الأسر المغربية عرضة للتقلبات الاقتصادية التي قد تؤثر على قدرتها على سداد التزاماتها المالية. من بين المخاطر المحتملة التي تواجهها الأسر المغربية تأتي التقلبات في أسعار الفائدة وارتفاع معدلات التضخم، مما يفرض ضغوطًا إضافية على ميزانيات الأسر، خاصة مع التحديات الاقتصادية الراهنة على الصعيدين الوطني والدولي.
وتظهر أحدث المعطيات الصادرة عن بنك المغرب أن مديونية الأسر المغربية شهدت ارتفاعًا ملحوظًا حتى نهاية شتنبر 2024. وتشير البيانات إلى أن القروض السكنية بلغت قيمتها حوالي 250 مليار درهم، مسجلةً زيادة بنسبة 1.5% مقارنة بالعام الماضي، ما يعكس نمو الطلب على التمويل السكني في ظل ارتفاع تكاليف العقار. في المقابل، ارتفعت قروض الاستهلاك إلى حوالي 60 مليار درهم، بزيادة سنوية تقدر بـ 1.1%، وتشمل هذه القروض تمويلات استهلاكية تهدف لتغطية احتياجات متنوعة مثل شراء الأجهزة المنزلية والسلع الأساسية.
أما التمويل التشاركي، لا سيما المرابحة العقارية الموجهة للإسكان، فقد شهد هو الآخر نموًا ملحوظًا، حيث بلغ إجمالي التمويل التشاركي للإسكان 23.8 مليار درهم، مقارنةً بـ 20.9 مليار درهم خلال نفس الفترة من العام الماضي، مما يعكس تزايد الطلب على هذا النوع من التمويل لتلبية احتياجات السكن.
وفقاً لهذه الأرقام، يتجاوز إجمالي مديونية الأسر المغربية نحو 330 مليار درهم، مما يعكس اعتماداً كبيراً على القروض لمواجهة الالتزامات المالية المتزايدة. يُعزى هذا الاتجاه إلى ارتفاع تكاليف المعيشة وأسعار العقار، الأمر الذي جعل من القروض وسيلة رئيسية لتلبية متطلبات الحياة اليومية وامتلاك السكن.
تعتبر هذه المؤشرات انعكاساً للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية في المغرب، حيث أصبحت الأسر المغربية تعتمد بشكل متزايد على الاقتراض لمواجهة ضغوط مالية متزايدة. ورغم أن التمويل السكني والاستهلاكي يوفر السيولة الضرورية ويساهم في تحفيز النمو الاقتصادي، إلا أن الارتفاع المستمر في مستويات الدين يشكل تحدياً يتطلب مراقبة دقيقة من السلطات المالية لضمان استقرار الأسر وتجنب الآثار السلبية المحتملة على الاقتصاد المغربي، بما يضمن توازناً بين سهولة الوصول إلى التمويل واستقرار الأسر المالي في ظل التحولات الاقتصادية الجارية.
تعليقات
0