رغم ما أظهره استطلاع الظرفية الصناعية لبنك المغرب لشهر أكتوبر 2024 من تحسن عام في النشاط الصناعي، إلا أن التقرير لم يخلُ من ملاحظات سلبية ونقاط ضعف تعكس تحديات تواجه القطاع الصناعي في المغرب.
أبرز ما يمكن ملاحظته هو التفاوت الواضح في أداء القطاعات الصناعية، حيث سجلت بعض القطاعات مثل النسيج والجلود والميكانيك والمعادن مستويات طلب أقل من المعدل الطبيعي، مما يشير إلى وجود إشكاليات هيكلية تعوق تحقيق نمو مستدام في هذه المجالات. وعلى الرغم من تسجيل المبيعات المحلية ارتفاعًا في معظم القطاعات، فإن الصادرات، التي تعد مؤشرًا مهمًا على القدرة التنافسية الدولية، شهدت تراجعًا في بعض القطاعات مثل الكيمياء والمنتجات الكيماوية، مما يسلط الضوء على ضعف في النفاذ إلى الأسواق الخارجية وتعزيز حصص المغرب في التجارة الدولية.
من جهة أخرى، عكست نسبة كبيرة من الشركات حالة من عدم اليقين إزاء مستقبل الإنتاج والمبيعات، إذ أشار 24% من الصناعيين في قطاع النسيج والجلود إلى عدم وضوح الرؤية حول تطور الإنتاج، في حين بلغت نسبة عدم اليقين بشأن المبيعات 45%. هذه المعطيات تثير التساؤلات حول قدرة الفاعلين في القطاع على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية والمخاطر المحتملة في الأسواق المحلية والدولية. كما أن الركود في بعض القطاعات مثل الكيمياء والكهرباء والإلكترونيات يشير إلى وجود تحديات تشغيلية أو انخفاض في الطلب على منتجات هذه القطاعات، مما يضعف ديناميكيتها بالمقارنة مع قطاعات أخرى سجلت نموًا ملموسًا.
ويبرز التقرير أيضًا اعتمادًا كبيرًا على السوق المحلية لتصريف الإنتاج، مع تراجع واضح في الصادرات لدى بعض القطاعات، وهو ما يعكس محدودية التنويع الجغرافي للأسواق وتراجع القدرة التنافسية خارج الحدود الوطنية. هذه الوضعية تجعل الصناعة المغربية أكثر عرضة لتقلبات الطلب المحلي وأقل استفادة من فرص التوسع في الأسواق العالمية. إلى جانب ذلك، سجلت دفاتر الطلبات في قطاعات مثل النسيج والجلود والميكانيك والمعادن مستويات أقل من المعتاد، مما يثير المخاوف بشأن الطلب المستقبلي وتأثيره المحتمل على الإنتاج في الأشهر المقبلة.
على صعيد آخر، ورغم التحسن النسبي في معدلات استخدام القدرات الإنتاجية، إلا أن بعض القطاعات مثل النسيج والجلود والكيمياء والمنتجات الكيماوية لا تزال تعاني من ضعف في استغلال كامل طاقتها، مع تسجيل معدلات استخدام بلغت 78% و79% على التوالي، ما يعكس وجود طاقات غير مستغلة بشكل كافٍ، مما يؤثر على الأداء الكلي للقطاع الصناعي. هذه التحديات تتطلب استراتيجيات فعالة لتعزيز القدرة التنافسية، زيادة التنويع الجغرافي للأسواق، وتحسين بيئة الاستثمار الصناعي في المغرب، بهدف تحقيق نمو أكثر استدامة وشمولية في القطاع.
تعليقات
0