المعارضة الإتحادية ومنظمة النساء الإتحاديات ينظمان ندوة حول مراجعة شاملة لمدونة الأسرة…

يسرا سراج الدين الأربعاء 3 مايو 2023 - 16:21 l عدد الزيارات : 23376

في إطار أنشطته السياسية والفكرية نظم الفريق الإشتراكي (المعارضة الإتحادية بمجلس النواب) بتنسيق مع “منظمة النساء الإتحاديات” وجمعية “حقوق وعدالة” وائتلاف “دنيا لمنع تزويج القاصرات” صباح اليوم الأربعاء 3 ماي، يوم دراسي حول موضوع ” مراجعة شاملة لمدونة الأسرة : نحو تعزيز الحقوق والمساواة بالمجتمع ” بُغيَتَ إثراء الفكر والنقاش حول بنود المدونة وملاءمتها مع المواثيق الدولية والمقتضيات الدستورية التي تقر المساواة بين الجنسين، وذلك لتدارك اختلالات عقدين من التطبيق سواء على مستوى النص أو الواقع لتحقيق التوازن الفعلي داخل مؤسسة الأسرة التي هي نواة المجتمع.

شهيد.. النداء الملكي واضح وعلى الجهاز الحكومي أن يتحمل مسؤوليته…

واعتبر “عبد الرحيم شهيد” رئيس الفريق الإشتراكي بمجلس النواب، خلال اللقاء الذي احتضنته قبة البرلمان وحضره ممثلوا سفارة مملكة الدانمارك بالمغرب والسفير النورويجي، وممثلي وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة وممثلي المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمؤسسات الوطنية، أن هذا الورش المجتمعي قد تم تحيينه وتجديده مع الخطاب الملكي، مشيرا إلى أن المجتمع المغربي عرف تطورات سوسيولوجية واجتماعية كبيرة، وأيضا تطورات دستورية جاءت مع دستور 2011 الذي يؤطر الكثير من الحقوق والحريات ويعطي الأولوية للمواثيق الدولية لحقوق الانسان، مبرزا أنه من خلال النقاش المجتمعي حول حقوق الإنسان والطفل ظهرت الكثير من القضايا التي أصبح المجتمع يعبر عنها فيما يتعلق بتزويج القاصرات والبنوة واقتسام الأموال المشتركة وتدبير العلاقة بين الأزواج في حالة الطلاق ومجموعة من القضايا المجتمعية المهمة، قائلا :” نحن لم نعد مجتمع منعزل على نفسه بل منفتح على كل الحضارات الجديدة.. فالقضايا المتعددة اليوم لم تعد قضايا محلية فقط”، متسائلا :” إذن كيف يمكن اليوم أن تلتقي أي تعديلات تحدث في مدونة الاسرة مع كل هذه الأمور ‘ أولا الإرادة الملكية التي تشجع وترعى هذا المشروع والتطورات الدستورية التي عرفتها بلادنا ثم التطورات المجتمعية التي تتطلب منا بإلحاح هذا التغيير”.

كما أوضح “شهيد” أن الفريق الاشتراكي وهو يحتضن هذا النشاط الذي استقبل فعاليات مدنية ومؤسسات وطنية وخبراء جامعييون يشتغلون على الموضوع، يعول على توصيات تكون أرضية لإيجاد البدائل والمراجعات التي سينكب الفريق على تقديمها حول هذا المشروع مطالبا وزارة العدل الاسراع في تقديم هذا مشروع، ليضيف بالقول:” إن النداء الملكي واضح وعلى الجهاز الحكومي أن يتحمل مسؤوليته اليوم هذا موضوع كل ما تحرك يرافقه نقاش صاخب داخل المجتمع وفي بعض الأحيان عدد من المظاهر غير صحية فبقدر ما أن النقاش حول الموضوع صحي لأنه يعطينا التناقضات والاختلافات الموجودة بالمجتمع وفي بعض الاحيان تُدق طبول الحرب والتخوين التي نتمنى أن يكون مسلسل هذه السنة خالٍ منها وأن يعرف نقاش صحي مختلف لأن هذا الموضوع يتطلب إجماعا واجتهادات حقيقية لإعطاء الأجوبة للإشكالات التي يعرفها المجتمع”.

رحاب.. مطالب المراجعة الشاملة تستمد شرعيتها من تَغَيُّر الواقع…

ويروم هذا اللقاء الذي ضم الجانب الإجتماعي والقانوني والحقوقي والديني، البحث عن نقطة التقاء بين كل هذه الزوايا من أجل تعديل قادر على تحقيق المساواة والتوازن الأسري حماية للمجتمع المغربي، حيث تستمد مطالب المراجعة الشاملة لمدونة الأسرة شرعيتها بحسب ما أكدته رئيسة منظمة النساء الإتحاديات “حنان رحاب”، من مراجعة  من تغيُّر الواقع الأسري بالمغرب ومن عدم مواكبة القانون الحالي لهذا التغيير.

وكشفت “رحاب” أن منظمة النساءالإتحاديات تعتبر أن إقرار مدونة الأسرة الحالية سنة 2004 بمثابة ثورة اجتماعية وقيمية وفكرية، ولقد كان هذا موقف كل قوى الإنسية والتقدم والحداثة، معتبرة أن التصويت بالإجماع عليها في هذا المجلس الموقر من طرف جميع الحساسيات السياسية والإيديولوجية تعبيرا عن الذكاء المغربي في المنعطفات الحاسمة، إذ ينجح المغاربة إلى التسويات النبيلة، وإلى الإعلاء من المشتركات الوطنية، وإلى تفضيل عدم الإغراق في التقاطبات التي قد تهدد السلم المجتمعي، وتقودنا إلى متاهات القطائع التي تنذر بما وقع في بلدان أخرى حيث تسيدت لغة التكفير والتكفير المضاد.

مراد فوزي.. كل هذه المرافعات من أجل الخروج بتوصيات في سبيل إعداد رؤية شاملة من أجل مراجعة شاملة لمدونة الاسرة…

بدوره أكد “مراد فوزي” رئيس جمعية “حقوق وعدالة ” أن هذا اليوم الدراسي يأتي في إطار النقاش الدائر بخصوص مراجعة شاملة لمواد مدونة الأسرة وهو الرأي الذي تتبناه الجمعية، مشيرا إلى أن هنالك اتفاق على وجود عدد من الإكراهات وغياب الآليات القانونية التي تضمن المساواة الحقيقية بين الرجل والمرأة في المدونة والتي تنعكس على جميع القضايا التي تروج بدهاليز المحاكم وخاصة منها على سبيل المثال (يضيف المتحدث) “الولاية والحضانة والنيابة الشرعية وإشكالية التعدد وتزويج الطفلات وتقسيم الممتلكات المكتسبة أثناء قيام العلاقة الزوجية إذا حدث الطلاق”، مؤكدا على أن كل هذه المرافعات من أجل الخروج بتوصيات في سبيل إعداد رؤية شاملة من أجل مراجعة شاملة لمدونة الاسرة”.

“قانون الأسرة بين إرادة التغيير والشروط السوسيولوجية”…

من جانبه أكد “جمال فزق” أستاذ السوسيولوجيا والأنثروبولوجيا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، على أن المغرب في الطريق الصحيح رغم تعلق الأمر بمعركة حامية، وأن الاتفاق على المبادئ من أجل تغيير هذه المدونة يستدعي تغيير العقليات وهي إكراهات تستوجب توحيد الخطاب، وتطوير وضعية المرأة خاصة فيما يتعلق بدورها في التنمية، قائلا:” انا مطمئن فعندما قرأت أرضية الفريق الإتحادي وجدتها تسير في الإتجاه المعقول بطريقة خالية من الثورية المجانية ومناسبة لتطوير النقاش”.

“آفاق الإجتهاد في قضايا الأسرة نماذج تفصيلية بمدونة الأسرة المغربية”…

أما “مونية الطراز” وهي دكتورة في الفقه وأصوله بجامعة القاضي عياض بمراكش فقد أوضحت خلال مداخلتها أن الدعوة إلى مناقشة مسألة عدم تزويج القاصرات دون استثناءات يأتي من أجل اتمام الفتاة لدراستها في سبيل الانخراط الواعي بالمجتمع، معتبرة أن الأمر لا يتعلق بنصوص قطعية حاسمة، كما دعت الى تثمين العمل المنزلي كوسيلة وآلية من الآليات التي من شأنها أن تحسن تطبيق مقتضيات المادة 49 من مدونة الأسرة.

“لماذا مراجعة شاملة لمدونة الأسرة؟”

في مداخلتها دعت النائبة البرلمانية وعضوة لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب مليكة الزخنيني إلى مراجعة دقيقة على مستوى النص والبناء القانوني في سبيل تمكين القضاء من تحقيق العدالة والإنصاف لكل مكونات الأسرة وفي سبيل تجاوز التوتر الداخلي الذي تعيشه هذه الخلية.

“استقرار الأسرة رهين بمدونة منصفة وتطبيق سليم”…

أما نقيب هيئة المحامين بخريبكة “علال البصراوي”، فقد اختار تعريف معنى النص المنصف والتطبيق السليم واستقرار الأسرة، بالوقوف عند معنى استقرار الأسرة المغربية بمعناه القانوني أي الأسرة التي لا تدخل في نزاعات قانونية، مشيرا إلى أن الأسرة المغربية غارقة في صراعات كثيرة بعيدة كل البعد عن ما ينبغي أن يتوفر بالأسرة التي اعتبرها الدستور الخلية الأساسية للمجتمع، مستشهدا بالتقارير الرسمية والتي كان آخرها تقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية الصادر قبل حوالي أربعة أشهر في الفترة ما بين 2017 و2021 حيث تجاوز عدد القضايا المدنية المسجلة الخمسة ملايين، إذ أن قضايا الأسرة لوحدها تجاوز عددها مليونين ومائتي ألف بينما تجاوزت طلبات الإذن بتوثيق عقود الزواح المليون ومائة ألف وعدد قضايا الطلاق والتطليق تجاوز الخمسمائة ألف، وعدد طلبات الإذن بتزويج القاصرات تجاوز المائة ألف، داعيا القضاة إلى العدل والإنصاف بتفسيرهم وتأويلهم للنص القانوني من أجل تطبيق سليم للقانون، معتبرا أن عدم انصاف المرأة والطفل موجود بالنص القانوني وبالتطبيق.

” إثبات البنوة بين النص والواقع”…

وعن اختيارها لهذا الموضوع كشفت “مريم جمال الإدريسي” محامية بهيئة الدار البيضاء، أن اختيار مصطلح البنوة بدل النسب، لأن البنوة تحضر فيها المرأة اما النسب فهو يتعلق بالأب قائلة :” نعلم جيدا أن المرأة سواء كانت البنوة شرعية أو غير شرعية فهي تلك الأم التي أنجبت من بطنها وتتحمل المسؤولية في جميع الحالات.. اتساءل لماذا وضع المشرع البنوة الشرعية بالنسبة للأم وقال هي شرعية في الزواج أو الفراش والشبهة والاغتصاب”، مضيفة “: شرعية أو غير شرعية ماذا ستفيدها في جميع الأحوال وهي التي تتحمل المسؤولية ولو كانت مغتصبة.. الأمر لا يتعلق بالشريعة بل بالذكورة إذ حينما يقر الأب بأن الابن أو الابنة هم أبناء له فنحن لا نحتاج إلى طبيعة العلاقة هل هي شرعية أم غير شرعية إن كان هنالك عقد أم لم يكن يكفي أن يقر”.

كما أستحضرت المحامية الإتحادية حادث طفلة تيفلت التي تم اغتصابها ونتج عن ذلك الاغتصاب مولود متسائلة :” ما مصير الطفلة المغتصبة والطفل؟.. هذه المآسي المجتمعية هي ناقوس خطر يدق بشدة ومن العيب أن نُحمِّل في هذا الوقت المسؤولية لطرف دون آخر”.، لتختم مداخلتها بالقول :”مدونة الأسرة لم تكن منسجمة مع مقتضيات وروح الدستور والسياسة التشريعية الرامية الى التلائم مع الاتفاقيات الدولية التكبيق لم يكن في مستوى الطموحات”.

“تجريم تزويج القاصرات وتعديل مدونة الأسرة”…

واعتمدت “سعاد بنور أستاذة” جامعية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، في مداخلتها على دراسة ميدانية وإحصاءات وقفت عبرها عند  مخاطر الولادة المبكرة ومخاطر الإصابة بأمراض ناتجة عن الزواج المبكر وخطر التعرض للعنف، والتأثير على الحالة الصحية للأولاد الناتجين عن زواج مبكر، حيث قدمت مجموعة من المقترحات أبرزها “إلغاء تزويج الطفلات تفعيل التدابير الزجرية المتعلقة بالإكراه على الزواج والعنف المبني على النوع الاجتماعي، وتوسيع دائرة الجريمة فيما يخص تزويج الطفل لتشمل الوساطة في تزويج الطفلات كيفما كان نوعها وتجريم عدم التبليغ على هذه الأفعال، وضرورة مصادقة المغرب على اتفاقية لانزروت الصادرة بتاريخ 12 يوليوز 2007 عن مجلس أوروبا المتعلقة بحماية الأطفال من الاستغلال الجنسي والاعتداء الجنسي، ومصادقة المغرب على البروتوكول الاختياري الثالث للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل”، مشددة على ضرورة القطع مع الطريق التي لها اتجاه واحد وليس لها اتجاهان وتغيير النصوص الظالمة للمرأة.

تجدر الإشارة إلى أن اللقاء الذي سير جلساته الثلاث كل من النائبة البرلمانية وعضو الفريق الإشتراكي سلوى الدمناتي ومراد فوزي رئيس جمعية وعدالة وأمينة الطالبي محامية عضو الكتابة الوطنية لمنظمة النساء الإتحاديات، عرف نقاشا غنيا حول مجمل القضايا والإشكالات التي تعرفها مدونة الأسرة وخرج بعدد من التوصيات التي من شأنها المساهمة في إعداد رؤية شاملة ودقيقة حول هذا الموضوع.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

السبت 22 مارس 2025 - 15:41

المغرب يطلق عملية استباقية لمكافحة الجراد الصحراوي…

السبت 22 مارس 2025 - 15:30

التظاهرات في تركيا تتجاوز الاحتجاج على توقيف رئيس بلدية اسطنبول

السبت 22 مارس 2025 - 15:20

ضبط شرطي وشريكه بأكادير متلبسين بحيازة وتهريب 172 كلغ من الحشيش…

السبت 22 مارس 2025 - 15:00

موجز أنباء العالم حتى الساعة الثانية بعد الظهر ليوم السبت 22 مارس

error: