التلاحم الجدي بين جلالة الملك والشباب

149٬317

صابرين المساوي * 

جاء في الخطاب السامي الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مساء يوم السبت 29 يوليوز 2023 ، إلى شعبه الوفي بمناسبة عيد العرش المجيد الذي يصادف الذكرى الرابعة والعشرين لتربع جلالته على عرش أسلافه الميامين، جاء في هذا الخطاب التاريخي :
” إن ما ندعو إليه، ليس شعارا فارغا، أو مجرد قيمة صورية. وإنما هو مفهوم متكامل، يشمل مجموعة من المبادئ العملية والقيم الإنسانية.
فكلما كانت الجدية حافزنا، كلما نجحنا في تجاوز الصعوبات، ورفع التحديات.
فالشباب المغربي، متى توفرت له الظروف، وتسلح بالجد وبروح الوطنية، دائما ما يبهر العالم، بإنجازات كبيرة، وغير مسبوقة، كتلك التي حققها المنتخب الوطني في كأس العالم.
فقد قدم أبناؤنا، بشهادة الجميع، وطنيا ودوليا، أجمل صور حب الوطن، والوحدة والتلاحم العائلي والشعبي، وأثاروا مشاعر الفخر والاعتزاز، لدينا ولدى كل مكونات الشعب المغربي.
وهي نفس الروح التي كانت وراء قرارنا، بتقديم ملف ترشيح مشترك، مع أصدقائنا في إسبانيا والبرتغال، لاحتضان نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2030، والتي نتطلع ونعمل على أن تكون تاريخية، على جميع المستويات.
إنه ترشيح غير مسبوق، يجمع بين قارتين وحضارتين، إفريقيا وأوروبا، ويوحد ضفتي البحر الأبيض المتوسط، ويحمل طموحات وتطلعات شعوب المنطقة، للمزيد من التعاون والتواصل والتفاهم.
وتتجلى الجدية كذلك، في مجال الإبداع والابتكار، الذي يتميز به الشباب المغربي، في مختلف المجالات.
وأخص بالإشادة هنا، إنتاج أول سيارة مغربية محلية الصنع، بكفاءات وطنية وتمويل مغربي، وكذا تقديم أول نموذج لسيارة تعمل بالهيدروجين، قام بتطويرها شاب مغربي.
وهي مشاريع تؤكد النبوغ المغربي والثقة في طاقات وقدرات شبابنا، وتشجعه على المزيد من الاجتهاد والابتكار، وتعزز علامة “صنع في المغرب” وتقوي مكانة بلادنا كوجهة للاستثمار المنتج.
كما تتجسد الجدية عندما يتعلق الأمر بقضية وحدتنا الترابية.
فهذه الجدية والمشروعية هي التي أثمرت توالي الاعترافات بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية؛ وآخرها اعتراف دولة إسرائيل، وفتح القنصليات بالعيون والداخلة، وتزايد الدعم لمبادرة الحكم الذاتي.
وبنفس الجدية والحزم، نؤكد موقف المغرب الراسخ، بخصوص عدالة القضية الفلسطينية، والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية؛ بما يضمن الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة.
والجدية يجب أن تظل مذهبنا في الحياة والعمل، وأن تشمل جميع المجالات:
الجدية في الحياة السياسية والإدارية والقضائية: من خلال خدمة المواطن، واختيار الكفاءات المؤهلة، وتغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين، والترفع عن المزايدات والحسابات الضيقة.
وفي المجال الاجتماعي، وخاصة قطاعات الصحة والتعليم والشغل والسكن.
كما أن الجدية التي نريدها، تعني أيضا الفاعلين الاقتصاديين، وقطاع الاستثمار والإنتاج والأعمال.
والجدية كمنهج متكامل تقتضي ربط ممارسة المسؤولية بالمحاسبة، وإشاعة قيم الحكامة والعمل والاستحقاق وتكافؤ الفرص. ”
خلال افتتاح البرلمان لسنة 2018 دعا الملك محمد السادس الأحزاب السياسية إلى الاعتناء بالكفاءات ، وذلك من خلال رفع الدعم العمومي المخصص للأحزاب ، وتخصيص جزء منه لفائدة الكفاءات التي توظفها في مجالات التفكير والتحليل والابتكار . لقد كان الهدف هو دفع الهيئات السياسية إلى المساهمة في خلق نخب شابة باستطاعتها فهم وتحليل الواقع الحالي لسكان قاعدة الهرم الديموغرافي المغربي المتكون من الشباب ، وبالتالي المساهمة في ابتكار حلول لمشاكله وقضاياه ودعمه اجتماعيا واقتصاديا وسياسية.
التربية على الحس النقدي وتشجيع المهارات ودفع الشباب الى الابتكار واستغلال الفرص المتاحة لهم كانت اشارات حفلت بها التوجيهات الملكية ، ولعل الكثير من الشباب استلهمها وأبرز دليل على ذلك هو المساهمة في مواجهة أزمة كورونا ، عندما انخرط الآلاف من الشباب في الحملات التحسيسية وبفعالية أكبر في ابتكار حلول للحد من تداعيات الجائحة باستعمال الوسائل التكنولوجية او الانخراط مبكرا في صناعة المواد الواقية من كمامات وأقنعة أو تطوير بعض الأجهزة .
ان الجواب الأساسي عن إشكالية الشباب هو وضعه في قلب التنمية ، وهذا لا يعني فقط انجاز برامج لفائدته تهتم بمختلف أوضاعه وقضاياه ، وتحويله الى مجرد مستهلك لهذه البرامج التي لا تصل الى مختلف الفئات ، بل المبدأ الأساسي الذي يجب أن تقوم عليه السياسة الموجهة للشباب هي تلك التي تجعله منتجا في السياسة والاقتصاد وتحفزه على ابتكار الحلول ليس لمشاكله فقط بل لمصلحة الوطن .
ها نحن أمام جيل جديد له ولوج أقرب إلى السياسة . هو جيل النبوغ والإبداع، جيل الأمل في استمرار التعلم واللقاء الانساني المباشر كما كان وإن تطورت المعطيات والعوامل التكنولوجية .
الحياة ستأخذ حتما وجها جديدا ، لكن هل تطور معها ، في بلادنا السعيدة ، الأحزاب السياسية من خطابها في مواجهة جيل جديد من الجماهير والمتتبعين ، أم ستظل تتأرجح بين بيانات الشجب والتثمين ، معبرة عن مواقف تنسجم تماما مع قناعاتها الايديولوجية ، التي أكل عليها الدهر وشرب امام تطور السياق التاريخي وأدوات التلقي والتحليل لدى المستهلك لخطابها وهو المواطن . وماذا لو صار هذا المواطن بسماته وانتظاراته الجديدة منتجا لهذا الخطاب ومساهما في تطويره . هل تنفتح الأحزاب بما يكفي بشكل حقيقي على المواطنين خارج الرهان الانتخابي وحساباته ؟ والأصل فيها والمقصد الأساسي من تواجدها هو تأطيره .
النظرة السياسية الكلاسيكية لمشاكل الشباب أصبحت متجاوزة لأنها تشكل عبئا على السياسة العامة ، وتحرم البلاد من سواعد وعقول شبابها ولا تتطلع إلى المستقبل ، بل أكثر من ذلك تتسم بقصر النظر ، لذلك فإن وضع الثقة في الكفاءات الشابة وتحميلها المسؤولية في المناصب السياسية والاقتصادية والتربوية سيفيد البلاد أكثر من الاقتصار على تحويلها إلى مستهلك للسياسات العمومية ومجتر لخطاب التيئيس عوض أن تكون حاملة لمشعل المستقبل والأمل .
شباب المغرب هم أول ثروات البلاد . والمبادرات الملكية ، في كل مرة ، تضعهم في قلب كل المشاريع الكبرى ، وترفع السقف لتأمين مستقبلهم . ثلاثية المشروع المجتمعي الذي تسعى اليه الرؤية الملكية : الديموقراطية والحداثة والتنمية …تتماشى حرفيا مع هذا المسعى …
ويمكن التأكيد أن قضايا الشباب حظيت باهتمام وعناية كبيرة من قبل جلالة الملك ، وذلك بالنظر لكون الشباب يشكل نسبة مهمة من عدد سكان المغرب ، وأيضا بالنظر للدينامية التي عبر عنها الشباب المغربي في مجموعة من المحطات البارزة ، على اعتبار أن الشباب هو عنصر أساس في تقوية بناء المجتمعات ، كما أن أهميته في عملية التنمية تتجلى من خلال ما يتميز به من مقدرة عالية على الابداع والقيادة رغم الظروف الصعبة التي يعيشها ، فضلا على أن فترة الشباب بلا شك من أخصب وأجمل مراحل العمر عند الانسان ، وهي أهم الفترات حيوية ونشاطا وحركة وتطلعا .
ان تحقيق التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تنشدها المملكة يرتبط ، بشكل أساسي ، بالرهان على الشباب واشراكه الفعلي في الدينامية التنموية التي تشهدها البلاد .
من هنا وجب التركيز على التربية والتكوين ، باعتبارهما المؤهل الأساس لولوج مجتمع المعرفة ، وبالتالي تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة ، لا سيما على مستوى اعداد الكفاءات المؤهلة للاسهام في بناء الوطن .
ان البنية الديموغرافية الشابة للمجتمع المغربي ، ينبغي أن تشكل نقطة قوة ، بالنظر إلى انخراط هذه الفئات الشابة في عالم التكنولوجيات وتحليها بروح المغامرة ، الأمر الذي يساعدها على تحقيق التحولات العميقة التي تطمح اليها البلاد ، من اجل الانضمام الى دائرة الدول المتقدمة .
وان فتح الاستثمار في وجه الشباب من خلال تسهيل ولوجه للقروض والتمويلات سيساهم أيضا في تطوير القطاع الخاص ، وبالتالي احداث مناصب الشغل وتعزيز التنمية …
ان التغيير الحقيقي يمر عبر التربية والتكوين ، وهو ما يفرض على المؤسسات التعليمية ، بما فيها الجامعة ، تقاسم نفس القيم والأفكار من أجل تكوين مواطن قادر على التحكم في مستقبله بنفسه ، دون أن يلجأ إلى الدولة من أجل تشغيله . في 13 غشت 2017 ، قال جلالته ” أكدنا أكثر من مرة ، سيما في خطاب 20 غشت 2012 بأن الشباب هو ثروتنا الحقيقية ، ويجب اعتباره محركا للتنمية وليس عائقا أمام تحقيقها ” ، داعيا إلى إصلاح منظومة التربية والتكوين ، ومعالجة أوضاعهم التي تحتاج الى ابتكار مبادرات ، ومشاريع ملموسة تحرر طاقاتهم ، وتوفر لهم الشغل ، والدخل القار ، وتضمن لهم الاستقرار ، وتمكنهم من المساهمة البناءة في تنمية الوطن .
انه على الرغم من العديد من البرامج التنموية التي انخرط فيها المغرب لفائدة الشباب ، خلال السنوات الأخيرة ، إلا أنها ظلت محدودة وغير مؤثرة ، بل. وغير قادرة على القضاء على بعض الاشكالات البنيوية ، وفي مقدمتها البطالة التي لا تزال مرتفعة في صفوف الشباب ، فضلا عن المطالب الملحة والحاجيات المتزايدة للمواطنين ، لا سيما على صعيد الحد من الفوارق الاجتماعية والتفاوتات المجالية ، وبالتالي تحقيق العدالة الاجتماعية . في 13 غشت 2017 ، قال الملك في خطاب له ” ان وضعية شبابنا لا ترضينا ولا ترضيهم ، رغم الجهود المبذولة ، فالعديد منهم يعانون الاقصاء والبطالة ، ومن عدم استكمال دراستهم وأحيانا حتى من الولوج للخدمات الاجتماعية الأساسية ، مضيفا أن التقدم الذي يعرفه المغرب لا يشمل مع الأسف كل المواطنين ، خاصة الشباب الذي ” يمثل اكثر من ثلث السكان والذي نخصه بكامل اهتمامنا ورعايتنا ” .
واذا كانت التنمية تروم الارتقاء بالانسان وازدهاره ، فإن هذا الأمر يمر حتما عبر ارساء تعليم ناجع تتوفر فيه الجودة ويؤسس لمجتمع مواطن تسود فيه العدالة الاجتماعية والمعرفة ، التي تلبي حاجيات المواطن في التطور الشخصي والاجتماعي والوعي بالمشاركة في التنمية على جميع المستويات .
منذ اعتلائه العرش ، وجه الملك محمد السادس رؤيته في الحكم نحو مغرب عصري ديموقراطي ومتطور . لتحقيق هذه الرؤية كان لا بد من السير في طريق اصلاح متواصل يسمح ببناء متجدد . لذلك ، كان الشباب دائما في قلب المبادرة الملكية ، لأنها تستهدف أولا المستقبل .
فلم يكل الملك محمد السادس ، منذ اربعه على العرش ، من اطلاق الأوراش في سبيل احداث تغيير ايجابي في حياة الشباب ، كي يساهموا في تطوير البلاد ، لذلك أقر بثورة دائمة ، لأنه يعرف جيدا تفاصيل مشاكلهم ، ويتدخل في الوقت المناسب لحث المسؤولين والحكومة ، والمجالس الوطنية ، على العمل بجد لخدمة قضايا الشباب .
ويشكل عيد الشباب ، الذي يتزامن مع احتفالات ثورة الملك والشعب ، مناسبة للوقوف عند الاهتمام الملكي باوضاع الشباب .
فبمناسبة الذكرى الخامسة والستين لثورة الملك والشعب ، قال الملك في خطاب الى الأمة ” ها نحن اليوم ندخل في ثورة جديدة لرفع تحديات استكمال بناء المغرب الحديث ، واعطاء المغاربة المكانة التي يستحقونها ، خاصة الشباب ، الذي نعتبره دائما الثروة الحقيقية للبلاد ” ، معتبرا ” انه لا يمكن أن نطلب من شاب القيام بدوره وبواجبه دون تمكينه من الفرص والمؤهلات اللازمة لذلك . فعلينا ان نقدم له أشياء ملموسة في التعليم ، والشغل والصحة وغير ذلك ، ولكن قبل كل شيء ، يجب أن نفتح أمامه باب الثقة والأمل في المستقبل ” .
ان الشبيبة الاتحادية تجد نفسها في الخيارات الاستراتيجية والتوجهات السياسية والاصلاحات الهيكلية التي يبشر بها جلالة الملك ، ويحث عليها في كل مناسبة وحين ، بل وينكب على الاشراف على الكثير منها …
ان الاتحاد الاشتراكي الوفي لتاريخه الوطني ، المتشبع بهويته التقدمية ، المستند الى جذوره الاجتماعية – الشعبية ، ليشكل في عالم اليوم قوة سياسية ، حداثية ، تنخرط بوعي ومسؤولية في المساهمة في صنع مستقبل البلاد ، عبر مراهنتها المتبصرة السياسية والتنظيمية ، على دور الشباب ، ودور المرأة ، ودور الكفاءات الوطنية ، ودور القوى المنتجة في البلاد في استيعاب ، التحولات الانتاجية الجارية ، واستدماج الثورات التكنولوجية المتواصلة ….
في خطاب افتتاح البرلمان يوم الجمعة 12 اكتوبر 2018، يعلي جلالة الملك من قيمة العمل الحزبي ليكون إحدى رافعات التحول الاجتماعي في المغرب . وهكذا دعا جلالة الملك إلى الرفع من الدعم العمومي للأحزاب وتخصيص جزء مهم منه ” لفائدة الكفاءات التي توظفها ، في مجالات التفكير والتحليل والابتكار ” ، وذلك من أجل تحفيز الاحزاب على تجديد اساليب عملها ، مما يساهم في الرفع من مستوى الأداء الحزبي ومن جودة التشريعات والسياسات العمومية .
وحين يعلن الخطاب عن الزيادة في الدعم المالي المخصص للأحزاب السياسية ، فذلك من أجل مساعدتها على تحقيق التزامين : يتعلق الاول بممارسة وظيفتها في التأطير والانتشار كي تستعيد سلطتها كمؤسسة للوساطة ، فيما يرتبط الثاني بتحفيزها على استقطاب الأطر والكفاءات …
وفي خطاب العرش يوم الاثنين 29 يوليوز 2019 ,يقول صاحب الجلالة : ” فالمرحلة الجديدة ستعرف ان شاء الله ، جيلا جديدا من المشاريع . ولكنها ستتطلب ايضا نخبة جديدة من الكفاءات ، في مختلف المناصب والمسؤوليات ، وضخ دماء جديدة ، على مستوى المؤسسات والهيات السياسية والاقتصادية والادارية بما فيها الحكومة . ”
إن قدر المغرب ليس ان يبقى رهينة الذين يقفلون على الكفاءات وعلى الشباب منافذ الطموح والمسؤولية في بلادهم . وهم الذين يجعلون الشعب يتصور ان المناصب حكر على نوع واحد من المسؤولين هم ومن ينتسب اليهم ان بقرابة حقيقية او سياسية او حزبية او مصلحية . وهم من جعلوا المناصب وسيلة اغتناء عوض ان يجعلوها وسيلة خدمة للمواطنين والمواطنات . وهم سبب حقيقي من اسباب بقاء المغاربة غير مستفيدين من كثير الاصلاحات التي وقعت في البلد ، رغم اهمية هاته الاصلاحات وثوريتها وعدم تحققها في بلدان أخرى ….
هناك اقتناع ، هناك توافق بين الملك وبين شعبه ؛ ان الحاجة ماسة الى الوجوه الجديدة ، والكفاءات الحقيقية الجديدة ، والطاقات الشابة التي يمتلئ بها خزان هذا البلد حد الابهار .
وهذه المرة كانت واضحة اكثر من المرات السابقة ، وتقول باسم الشعب وباسم الملك معا ان الحاجة ماسة لضخ الدماء الجديدة في العروق ، التي لم تعد تستطيع الاشتغال بشكل سليم …ان المسالة تهم مستقبل بلد بأكمله .
ولعل أبرز ما يهم التحول الذي يحصل ، بفعل دينامية شباب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، في المنظمات الشبابية الدولية ، هو منسوب الفعل الميداني خدمة لتجويد العلاقة بين بلادنا وشباب العالم الاشتراكي .
وليس سرا في هذا الباب ما حصل من تحولات تهم شبيبة العالم الاشتراكي ( اليوزي ) ، في ارتباطها مع قضية المغرب الأولى ، ولا المساحات التي ” حررتها ” شبيبة الاتحاد الاشتراكي في السنوات الأخيرة داخل هذه المنظمة ، والتي جعلت صوت بلادنا مسموعا في الأوساط الاشتراكية الدولية بكل مستوياتها .
إن الديبلوماسية الموازية مهمة جوهرية بالنسبة للحزب ، يمارسها الاتحاد الاشتراكي من خلال واجهة المنظمات الدولية والجهوية والإقليمية والأممية الاشتراكية والأممية الاشتراكية للنساء ، والاتحاد العالمي للشباب ، بالإضافة إلى ربط علاقات ثنائية مع الأحزاب القريبة ايديولوجيا من حزبنا .
إن من أولى الأولويات عندنا ، هي تعبئة كل مواردنا البشرية والتنظيمية والإعلامية التي نتوفر عليها في حزبنا ، من أجل أن نكون رواد وطليعة الدبلوماسية الموازية ، وأن نستثمر كل علاقاتنا الخارجية ونبني أخرى ، من أجل أن نكون جزء متينا من جدار صد مناورات خصوم وحدتنا الترابية . وإن موقعنا في المعارضة البرلمانية ، قد يكون ورقة إيجابية، إذا أحسن استثمارها ، لبيان أن قضية الصحراء المغربية هي قضية دولة ووطن ومجتمع وشعب بمختلف تياراته ومناطقه وأجياله .
نسجل المشاركة المتميزة والمثمرة لحزبنا في المؤتمر الأخير للأممية الاشتراكية الذي انعقد بالجارة الشمالية ” اسبانيا ” ، وهي مشاركة تعكس وعي الحزب بأهمية الديبلوماسية الموازية ، وكذا تعكس قوة حضوره ومتانة علاقاته الخارجية التي تترجم الاحترام الذي يحظى به الحزب في المنتديات الحزبية الدولية ، وخصوصا ذات المرجعية الاشتراكية الديموقراطية .
وإن نجاح الحزب في الحصول على مقعد نائبة الرئيس في الجهاز التنفيذي الأول لمنظمة الأممية الاشتراكية ممثلا لقارتنا الافريقية ، ومساهمته المقدرة في التصويت لصالح صديق المغرب السيد بيذرو سانشيز رئيس وزراء المملكة الإسبانية رئيسا للمنظمة ، هو دليل على الموقع الذي يحتله الحزب ضمن منظومة الأحزاب الاشتراكية الافريقية ، مما مكنه من محاصرة الصوت الانفصالي الذي تزداد عزلته داخل المنظمة دورة بعد أخرى ، وكذا دليل على مكانته الاعتبارية وسط مختلف الطيف الاشتراكي الديموقراطي ، مما أهله للدفاع عن المصالح الوطنية ، وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية .هنيئا للمغرب …
جاء في الإعلان الختامي للدورة الأولى للمنتدى الدولي للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين والاشتراكيين الديمقراطيين – إعلان مراكش 31 مايو 2023 ؛
” نحن، القادة السياسيون الاشتراكيون والاشتراكيون الديمقراطيون، المجتمعون في المنتدى الدولي للبرلمانيين الشباب، نتقاسم رؤية مشتركة لعالم أفضل وأكثر عدلاً واستدامة، ندرك التحديات التي تنتظرنا ومصممون على العمل من أجل مستقبل أكثر إشراقًا.
ندافع عن أهمية الدولة الاجتماعية كضامن للعدالة الاجتماعية وتقليصالفوارق. ندعو إلى سياسات عامة عادلة وشاملة توفر الفرص للجميع، وتحمي الفئات الأكثر ضعفاً وتضمن شبكة أمان اجتماعي قوية. نحن نرفض السياسات التي توسع فجوات الثروة ونلتزم بتعزيز توزيع أكثر إنصافًا للموارد.
(….) في الختام، نحن ندرك التحديات التي تنتظرنا. نحن على استعداد لتحمل مسؤولياتنا والعمل بشكل متظافر لبناء عالم أفضل. نعلن عن إنشاء شبكتنا من البرلمانيين الاشتراكيين والاشتراكيين الديمقراطيين الشباب من هنا في مراكش، للدفاع عن سياسات عامة عادلة ومستدامة ومدمجة، ونقرر تعيين الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية بمجلس النواب المغربي في شخص رفيقنا الحسن لشكر كمنسق لشبكتنا ” .

* عضو المكتب الوطني للشبيبة الاتحادية

error: