المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية يدعو إلى الانتقال نحو صناعة المستقبل

85٬619

و.م.ع

أصدر المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية، مؤخرا، دراسة حول صناعة المستقبل، تتضمن سلسلة من التوصيات متعددة الأبعاد تدفع بانتقال الصناعة المغربية نحو “الصناعة إكس. أو”، وذلك سيرا على نهجه في التفكير في قضايا التنافسية الدولية ورأس المال غير المادي والمهن العالمية.

وتقدم هذه الوثيقة، التي تقع في 121 صفحة، الخطوط العريضة للمفاهيم المتأصلة في صناعة المستقبل وأهميتها بالنسبة للمغرب، وتقييم مدى نضج القطاع الصناعي الوطني وقدرته على تطوير صناعة المستقبل من خلال بحث يشمل عينة من المقاولات المغربية.

ويهدف المعهد من خلال هذه الدراسة إلى إطلاع صناع القرار السياسي والفاعلين الاقتصاديين والباحثين على الجوانب الكفيلة بإدراج المغرب في مسار التنمية الصناعية والتطلع إلى المستقبل، حيث تعد بتطور اقتصادي واجتماعي للمغرب.

وذكر التقرير بأن إطلاق المبادرة الألمانية “الصناعة 4.أو’’ كان دافعا لظهور مبادرات مماثلة في مختلف بلدان العالم، حيث كان رد فعل القطاعين الخاص والعام سريعا للغاية لتجنب الآثار المدمرة لقدرتها التنافسية، مشيرا إلى أن “لدى المغرب، على غرار هذه البلدان الصناعية، مصلحة كبيرة في الانخراط في ذلك”.

وتوفر الدراسة معيارا دوليا هاما يمكن من تقدير وفهم العديد من النماذج الناجحة للتصنيع من خلال البحث في الآليات والرافعات التي سمحت بتحقيق هذه النجاحات. كما تدرس التأثير المحتمل لبروز “الصناعة إكس.أو” على الصناعة المغربية والتصدي للمخاطر الرئيسية التي يجب الاهتمام بها لتظل قادرة على المنافسة في المستقبل وفق القطاعات الصناعية.

كما انكبت الدراسة على فك رموز نضج الصناعة المغربية في أفق المرور، بثبات، نحو صناعة المستقبل في انسجام تام مع الوضع الحالي للتكنولوجيات والموارد البشرية في المغرب.

وجاء في التقرير، الذي يقدم خارطة طريق لمساعدة المغرب على الانتقال نحو صناعة المستقبل، أنه “يجب على المملكة، في مواجهة منافسة عالمية شرسة، تبني الابتكار والتخطيط الاستراتيجي لمستقبلها الصناعي. ولم تعد التكلفة المنخفضة لليد العاملة كافية لضمان قدرة تنافسية على المدى الطويل، خاصة مع ظهور صناعة المستقبل”.

وبما أن التصنيع المتسارع بسبب الرقمنة والأتمتة والذكاء الاصطناعي يغير وجه السوق العالمية، فإن الدراسة “تؤكد على ضرورة تبني المغرب لمقاربة متعددة الأبعاد لتحسين تنافسيته الصناعية من خلال الحث على الابتكار التكنولوجي بفضل البحث والتنمية، وتطوير رأس المال البشري، وريادة الأعمال الصناعية، والاستخدام المستدام للطاقات المتجددة، والاندماج الأكثر ضمن سلاسل القيمة العالمية”.

وقد أصبحت هذه الدراسة ممكنة بفضل التعاون الوثيق مع الفيدراليات المهنية والقطاعات الوزارية المعنية، وكذا مع خبراء جامعيين من آفاق متعددة التخصصات، مما جعلها أرضية لمقترحات عملية انبثقت من نتائج بحث ودراسات ميدانية مساعدة على نقل المغرب بثبات نحو صناعة المستقبل.

وتغطي هذه المقترحات الأبعاد التنظيمية، والقدرة التنافسية، وأبعادا تكنولوجية ومالية واجتماعية، ورأس المال البشري، والتي تم تقسيمها إلى تدابير يقترح بعضها تطوير الموارد البشرية لصناعة مغربية قوية وتنافسية، وتحسين سلسلة التموين في القطاعات الصناعية، وتشجيع ظهور جيل جديد من الصناعيين، وإعداد إطار تنظيمي ملائم لإدماج التكنولوجيات المتقدمة، والدفع باعتماد تكنولوجيات الصناعة إكس.أو، وخلق بيئة ملائمة للبحث والتنمية، وتشجيع نقل التكنولوجيا.

ويعمل المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية، الذي أحدث في نونبر 2007، على المساعدة في اتخاذ قرارات استراتيجية، وتحليل القضايا الوطنية ذات الطابع الهيكلي، ودراسة العلاقات الخارجية للمغرب بأبعادها المتعددة، مع إيلائه اهتماما كبيرا بالقضايا العالمية.

وتهدف أنشطة المعهد، سواء على مستوى الدراسات أو المراقبة الاستراتيجية، إلى إبراز السياسات العمومية من أجل تحديد الخيارات فيما يتعلق بالإصلاحات الأساسية التي يدعو إليها مشروع المجتمع الديمقراطي والحديث الذي انخرط فيه المغرب، مما يبوئ المعهد موقعا متميزا على الصعيد الوطني، ويجعله في قلب الرهانات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد.

error: